الإشارة : ذَرني ومَن يُكذِّب بهذا الحديث ؛ حديث أهل الخصوصية، وهو الكلام في علم أسرار التوحيد، الذي هو مدار علم الباطن، فمَن يُنكره أو يُنكر وجودَ أهله فهو مستدرَج مغرور، سنستدرجهم من حيث لا يعلمون، أي : ندرجهم إلى مقام البُعد درجة درجة، من حيث لا يشعرون، فهم يحسبون أنهم يصعدون، وهم يسقطون، يطنون أنهم يُرقِّقون الحجاب بينهم وبين الله، وهم يغلظونه. قيل : حقيقة الاستدراج هو السكون إلى اللذات، والتنعُّم بالنعمة، ونسيان ما تحت النِعم من النقم. هـ. وهذا حال مَن يُنكر وجود التربية، أو دخل فيها ولم يمتثل ما يُشير به عليه شيخُه. ويقال لمَن يدعو الناس إلى الله، وهم يفرُّون : أم تسألهم أجراً فهم من مَغرم مُثقلون، وإنما يثقل العطاء على مَن لم يذق، وأمّا مَن ذاق فلا يثقل عليه الوجود بأسره، بل يبذل مُهجته ورُوحه وماله، ويستصغره في جانب ما نال من أسرار المعرفة. ويقال له أيضاً حين يُؤذَى : فاصبر لحُكم ربك، ولا تستعجل حتى يجتبيك ربُّك، فتكون من الصالحين لحضرته، قال الواسطي : الاجتبائية أورثت الصلاح، لا الصلاح أورث الاجتبائية. هـ.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١١٦


الصفحة التالية
Icon