الإشارة : فإذا نُفخ في صور القلب الغافل، الخالي من الحياة الأبدية، نفخة واحدة، من همّة شيخ كامل، إما بوارد شوق مُقلق، أو خوف مُزعج، وحُملت أرض بشريته، وجبال عقله، فدُكتا دكةً واحدة، فغاب حس البشرية وانخنس، وغاب نور العقل عند سطوع أنوار شمس العرفان، فيومئذ وقعت الواقعة، أي : ظهرت الحقيقة العيانية، وبدلت الأرض غير الأرض، والسموات، فصار الجميع نوراً ملكوتياً، أو سرًّا جبروتيًّا، وانشقت سماء الأرواح، فظهرت أسرار المعاني خلف رداء الأواني، فهي ـ أي : الأواني الحسية ـ يومئذ واهية ضعيفة متلاشية، لا وجود لها من ذاتها، والمَلك، اي : الواردات الإلهية، والخواطر الملكية، على أرجائها : على أطراف سماء الأرواح، يُلهمها العلوم اللدنية، والأعمال الصافية، ويحمل عرش ربك، أي : عرش معرفة الرب، وهو القلب، فهو سرير سلطان المعرفة، ومحل التجليات الذاتية، ثمانية : الصبر، والشكر، والورع، والزهد، والتوكل، والتسليم، والمحبة، والمراقبة، وهو عرش المعرفة، يومئذ تُعرض الخواطر على القلب، لا يخفى عليه منها شيء، فيقبل الحسَن، ويرفع القبيح. والله تعالى أعلم. وذكر في الحاشية الفاسية ما فوق العرش الحسي، وما تحت الأرض السفلى، فقال ما نصُّه : وفي حديث " فوق السماء السابعة بحرٌ، بين أعلاه وأسفله، كما بين السماء والسماء، وفوفق ذلك ثمانية أَوْعَالٍ، بين أظلافهِنَّ ورُكبهنَّ ما بين سماءٍ إلى سماء، وفوق ظهورهن العرش، بين أسفله وأعلاه ما بين سماء إلى السماء، والله تبارك وتعالى فوق ذلك "، وفي حديث آخر :" عدد الأرضين سبع، بين كل واحدة والآخرى خمسمائة سنة، والذي نفس محمد بيده ؛ لو أنكم دلّيتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله "، ثم قرأ ﷺ :﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالَّظاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾ [الحديد : ٣]. هـ.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٢٣


الصفحة التالية
Icon