قال الشيخ ابن أبي جمرة رضي الله عنه : عادته تعالى في التنزيل أن يذكر الكامل في الطاعة، والكامل في العصيان ـ أي : الكفرـ ويسكت عن المخلط، فدلَّ على أنه يرى من هذا ويرى من هذا. هـ. بالمعنى. فالذي يقول :﴿هاؤم اقرأوا كتابيه﴾ هو الكامل، أو الذي حوسب وعُفي عنه، وأمّا العاصي الذي ينفذ فيه الوعيد، فلعله يسكت. والله تعالى أعلم، وسَتَرِد وتعلم.
ثم قال تعالى :﴿فليس له اليومَ هاهنا حميمٌ﴾ أي : قريب يحميه ويدفع عنه ؛ لأنَّ أولياءه الذين يتحامونه يفرُّون منه، ﴿ولا طعامٌ إِلاَّ من غِسْلِينٍ﴾ وهو غسالة أهل النار وصديدُهم، فِعْلِين، من الغَسْلِ، والنون زائدة، والمراد : ما يسيل من جلودهم من الصديد والدم. وقال ابن عزيز : غِسْلين : غسالة أجواف أهل النار، وكل جرح أو دبر غسلته، فخرج منه شيء، فهو غِسلين. هـ. ﴿لا يأكُله إِلاّ الخاطئون﴾ ؛ الكافرون، أصحاب الخطايا العظام. من خَطِىء الرجل : إذا تعمَّد الذنب. أو من الخطأ، المقابل للصواب، وهو هنا : مَن أخطأ طريقَ التوحيد، وعن ابن عباس : هم المشركون. الإشارة : أهل اليمين مَن سبق لهم اليُمن في الأزل، وأهل الشمال مَن سبق لهم الشؤم كذلك. وفي الحديث :" إن الله قبض قبضة فقال : هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي، ثم
١٢٩