تنزيلٌ من رَبِّ العالمين} أي : هو تنزيل، وهو تقرير لكنه قول رسول كريم، نزل عليه من رب العالمين، أنزله على لسان جبريل ﷺ، ﴿ولو تقوَّل علينا﴾ محمد ﴿بعضَ الأقاويل﴾ أي : ولو ادّعى علينا شيئاً لم نَقُلْهُ افتراء علينا. سَمَّى الافتراء تقوُّلاً ؛ لأنه قول متكلّف، والأقوال المفتراة أقاويل، تحقيراً لها، كأنها جمع أفعولة، من القوْل، كالأضاحيك، ﴿لأخذنا منه باليمين﴾ أي : لقتلناه صبراً، كما تفعل الملوك بمَن يَكذب عليهم، مُعاجلةً بالسخط والانتقام، فصوّر قتل الصبر بصورته ؛ ليكون أهْول، وهو أن يأخذ بيده، وتصرب رقبته، وخصَّ اليمين ؛ لأنَّ القتَّال إذا أراد أن يوقع الضرب في قفاه أخذ بيساره، وإذا أراد أن يوقعه في جيده، وهو أن يكفحه بالسيف ـ وهو أشد على المصبور ؛ لنظره إلى السيف ـ أخذه بيمينه، ومعنى ﴿لأخذنا منه باليمين﴾ : لأخذنا بيمينه، ﴿ثم لقطعنا منه الوتينَ﴾ أي : لقطعنا وتينه، وهو نياط القلب، إذا قطع مات صاحبه. ﴿فما منكم﴾، الخطاب للناس، أو المسلمين، ﴿مِن أحدٍ﴾ " من " زائدة، ﴿عنه﴾ أي : عن القتل أو المقتول، ﴿حاجزين﴾ ؛ دافعين، وجمعَه، وإن كان وصفاً لـ " أحد " ؛ لأنه في معنى الجماعة ؛ لأنَّ النكرة بعد النفي تعم.
﴿وإِنه﴾ أي : القرآن ﴿لتذكرةٌ﴾ ؛ لَعِظةٌ ﴿للمتقين﴾ لأنهم المنتفعون به، ﴿وإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُكَذِّبِينَ﴾ فنُجازيهم على تكذيبهم، ﴿وإِنه لحسرةٌ على الكافرين﴾ عند مشاهدتهم لثواب المؤمنين له، ﴿وإِنه لَحقُّ اليقين﴾ أي : محض اليقين الذي لا يحوم حوله ريب ما، وحق اليقين فوق عين اليقين على ما يأتي. ﴿فسَبِّحْ باسم ربك العظيمِ﴾ أي : فَسبِّح بذكر
١٣١
اسمه العظيم، تنزيهاً عن التقوُّل عليه، شكراً على ما أوحي إليك، أي : قل سبحان الله العظيم شكراً لنعمة الوحي والاصطفاء.