قلت : والتحقيق أنّ البشرية كلها من الطين، والروح كلها من النور الملكوتي، فمَن غلب منهما فالحُكم له، فإنْ غلبت الروحُ تنوّرت البشرية بأنوار الهداية، وأشرق الباطن بأسرار المعارف، وإن غلبت البشرية تظلّمت الروح، فتارة يبقى لها شعاع الإيمان، وهو مقام أهل اليمين، وتارة ينطمس عنها، وهو مقام الكفر، والعياذ بالله. وقوله : لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، أي : من التربة التي رش عليها من ماء الجنة، حتى أضيفت إليها، وقد تقدّم عن القشيري. والله تعالى أعلم. ثم أقسم تعالى على أنه قادر على تبديل الأشباح فيبدل الخبيث إلى الطيب، وبالعكس، على حسب مشيئته، ثم قال : فذر أهل الغفلة يخوضوا في بواطنهم مع الخواطر، ويلعبوا في ظواهرهم في أمور دنياهم، حتى يُلاقوا ما يُوعدون، فيقع الندم حيث لا ينفع. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد، وآله.
١٤٢
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٤٠