﴿ثم إِني دَعَوتهم جِهاراً﴾ أي : مجاهراً، فيكون حالاً، أو : مصدر " دعوت "، كقعد القرفصاء ؛ لأنّ الجهار أحد نوعَي الدعاء. يعني : أظهرت الدعوة في المحافل والمجالس. ﴿ثم إِني أعلنتُ لهم وأَسررتُ لهم إِسراراً﴾ أي : جَمَعْتُ لهم بين دعاء العلانية والسر، فكنتُ أدعو كل مَن لقيت، فرداً وجماعة. والحاصل : أنه دعاهم ليلاً ونهاراً في السر، ثم دعاهم جِهاراً، ثم دعاهم في السر والعلن، وهكذا يفعل المذكِّر في الأمر بالمعروف، يبتدىء بالأهون فالأشد، افتتح بالمناصحة بالسر، فلما لم يُطيعوا ثنّى بالمجاهرة، فلما لم تؤثر ثلّث بالجمع بين الإسرار والإعلان. و " ثم " تدل على تباعد الأحوال ؛ لأنَّ الجِهار أغلظ من الإسرار، والجمع بين الأمرين أغلظ من إفراد أحدهما.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٤٤


الصفحة التالية
Icon