هذا قبل المبعث، وأمّا بعده فأشار إليه بقوله :﴿فمَن يستمعِ﴾ ؛ يريد الاستماع ﴿الآنَ﴾ بعد المبعث ﴿يجدْ له شِهَاباً رصداً﴾ أي : شهاباً راصداً له ولأجله، يصده عن الاستماع، أو هو اسم جمع لراصد، على معنى : ذوي شهاب راصدين بالرجم، وهم الملائكة الذين يرجمونهم بالشُهب، ويمنعونهم من الاستماع، والجمهور على أن ذلك لم يكون قبل مبعث نبينا ﷺ، وقيل : كان الرجم في الجاهلية، ولكن الشياطين كانت تسترق في بعض الأوقات، فمُنعوا من الاستراق أصلاً بعد مبعث النبي صلى الله عليه وسلم. قلت : وهذا هو الظاهر، وأنّ الرمي كان موجوداً قبل البعثة، إلاَّ أنه قليل، وأشعار الجاهلية محشوة بذلك. انظر الثعلبي. ورُوي في بعض الأخبار : أنّ إبليس كان يسترق السمع من السموات، فلما وُلد عيسى عليه السلام وبُعث، حُجبت الشياطين عن ثلاث سموات، فلما وُلد محمد ﷺ حُجبت عن السموات كلها، وقُذفت بالنجوم، هـ.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٥٥
وذكر أبو جعفر العقيلي، بإسناد له إلى لهب بن مالك، قال : حضرت مع رسول الله ﷺ فذكرت عنده الكهانة، فقلت : بأبي أنت وأمي ؛ نحن أول مَن عرف حراسة السماء، ورصد الشياطين، ومنعهم من استراق السمع عند قذف النجوم، وذلك أنا جئنا إلى كاهن لنا، يُقال له " خطل "، وكان شيخاً كبيراً، قد أتت عليه مائتا سنة وثمانون سننة، فقلنا : يا خطل ؛ هل عندك علم بهذا النجوم التي يُرمى بها، فإنّا قد فزعنا منها، وخفنا سوءَ عاقبتها، فقال : ائتوني بسَحَر أُخبركم الخبر، ألِخَيْر أم ضرر، أم لأمن أو حذر،
١٥٥


الصفحة التالية
Icon