﴿إنَّ لَدَيْنا﴾ للكافرين يوم القيامة، ﴿أنكالاً﴾ ؛ قيوداً ثِقالاً، جمع نِكْل، ﴿وجَحيماً﴾ ؛ ناراً محرقة ﴿وطعاماً ذا غُصَّةٍ﴾ الذي ينشب في الحلوق فلا يُساغ، يعني : الضريع والزقوم. ﴿وعذاباً أليماً﴾ ؛ مؤلماً يخلص وجعه إلى القلب. رُوي أنه ﷺ قرأ الآية فصعق، وعن الحسن : أنه أمْسى صائماً، فأُتي بطعام، فعرضت له هذه الآية، فقال : ارفعه، ووُضع عنده الليلة الثانية فعرضت له، فقال : ارفعه، وكذلك الليلة الثالثة، فأخبر ثابت البناني وغيره، فجاؤوا، فلم يزالوا به، حتّى شرب شربةً من سَّوِيق.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٦٧
وهذا العذاب واقع ﴿يَوْمَ ترجُف الأرضُ والجبالُ﴾ أي : تتحرّك حركةً شديدة مع صلابتها وارتفاعها، فالظرف منصوب بما في " لدينا " من معنى الفعل، أي : استقر للكفار كذا وكذا يوم ترجف... الخ. ﴿وكانت الجبالُ كَثِيباً﴾ ؛ رملاً مجتمعاً. من : كثب الشيء إذ جمعه، كأنه فعيل بمعنى مفعول. ﴿مَّهِيلاً﴾ ؛ سائلاً بعد اجتماعه.
﴿إنَّا أرسلنا إِليكم﴾ يا أهل مكة ﴿رسولاً﴾ وهو محمد ﷺ ﴿شاهداً عليكم﴾ ؛ يشهد يوم القيامة بما صدر منكم من الكفر والعصيان، ﴿كما أرسلنا إِلى فرعون رسولاً﴾ وهو موسى عليه السلام، ﴿فعصى فرعونُ الرسولَ﴾ الذي أرسلنا إليه، أي : عصى ذلك الرسول ؛ لأنَّ النكرة إذا أعيدت معرفة كانت عين الأولى. ومحل الكاف النصب على أنها صفة لمصدر محذوف، أي : أرسلنا إليكم رسولاً فعصيتموه، كما يُعرب عنه قوله تعالى :﴿شاهداً﴾ إرسالاً كائناً كإرسال موسى لفرعون، فعصاه، ﴿فأخذناه أخذاً وَبيلاً﴾ ؛ شديداً غليظاً. وإنما خص موسى وفرعون ؛ لأنَّ خبرهما كان منتشراً بين أهل مكة ؛ لأنهم كانوا جيران اليهود.
١٦٧