﴿فإِذا نُقِرَ في الناقور﴾ أي : نُفخ في الصور، وهو فَاعُول من النقر، بمعنى التصويت، وأصله : القرع، الذي هو سبب الصوت، والفاء سببية، كأنه قيل : اصبر على أذاهم، فبين أيديهم يوم هائل، يلْقون فيه عاقبة أذاهم، وتلقى عاقبة صبرك، والعامل في " إِذا " قوله :﴿فذلك يومئذٍ يومٌ عسيرٌ﴾، فإنَّ معناه : عسر الأمر على الكافرين إذا نُقر في الناقور، و " ذلك " إشارة إلى وقت النقر، وهو مبتدأ، و ﴿يومئذ﴾ : مرفوع المحل بدل منه، و ﴿يوم عسير﴾ : خبر، كأنه قيل : يوم النقر يوم عسير ﴿على الكافرين﴾، وأكّده بقوله :﴿غيرُ يسير﴾ ؛ ليؤذن بأنه يَسيرٌ على المؤمنين، أو عسيرٌ لا يُرجى أن يرجع يسيراً، كما يرجى تيسير العسير من أمور الدنيا. واختُلف في أن المراد به : يوم النفخة الأولى أو الثانية، والحق إنها الثانية ؛ إذ هي التي يختص عسرها بالكافرين، وأما النفخة الأولى، فحكمها ـ الذي هو الإصعاق ـ يعم البر والفاجر، على أنها مختصة بمَن كان حيًّا عند وقوعها، وقد جاء في الأخبار : أن في الصور ثُقْباً بعدد الأرواح، وأنها تجمع في تلك الثُقب في النفخة الثانية، فتخرج عند النفخ من كل ثقبة روح، فترجع إلى الجسد الذي نزعت منه، فيعود الجسد كما كان حيًّا، بإذن الله تعالى.
١٧٣
الإشارة : يا أيها المتدثر بالعلوم والأسرار والمعارف ؛ قُم فأنذر الناسَ، والخطاب للداعي الأكبر ﷺ، ويتوجه لخليفته في كل زمان، وهو مَن وجَّهه الله لتذكير العباد ليحيي به الدين في أول كل عصر، كما في الأثر.


الصفحة التالية
Icon