كَلاَّ} ؛ ردع لمَن أنكرها، أو نفي لأن يكون لهم تذكُّر، بعد أن جعلها ذِكرى، أي : لا يتذكرون لسبق الشقاء لهم، ﴿والقمرِ﴾، أقسم به لِعظم منافعه، ﴿والليلِ إِذْ أدبرَ﴾ أي : ذهب، يقال : أدبر الليل ودبر : إذا ولّى، ومنه قولهم : صاروا كأمس الدابر، وقيل : أدبر : ولّى، ودَبَر جاء بعد النهار، ﴿والصُبحِ إِذا أسفر﴾ ؛ أضاء وانكشف، وجواب القسم :﴿إِنها﴾ أي : سقر ﴿لإِحدَى الكُبَرِ﴾ جمع كبرى، أي : لإحدى الدواهي أو البلايا الكُبْر، ومعنى كونها إحداهن : أنها من بينهن واحدة في العِظم لا نظيرة لها، كما تقول : هو أحد الرجال، وهي إحدى النساء. ﴿نذيراً للبشر﴾ : تمميز لإحدى، أي : إنها لإحدى الدواهي إنذاراً، كقولك : هي إحدى النساء جمالاً، أو حال مما دلّت عليه الجملة، أي : عظمت منذرة، ﴿لمَن شاء منكم أن يتقدَّم أو يتأخّر﴾ : بدل من " البشر "، بإعادة الجار، أي : نذيراً لمَن شاء منكم أن يسبق إلى الخير أو يتأخر عنه، وعن الزجاج : أن يتقدّم إلى ما أمر به، ويتأخر عما نهى عنه، وقيل :" لمَن شاء " : خبر، و " أن يتقدّم " : مبتدأ، فيكون كقوله تعالى :﴿فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف : ٢٩]. قال المحَشي : وحاصله : أنّ العبد متمكن من كسب الخير وضده، ولذلك كلّفه ؛ لأنه علّق ذلك على مشيئته، وليس حجة ؛ لكونه مستقلاً غير مجبور ؛ لأنَّ مشيئته مُعلقة على مشيئة الله، ﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللهُ﴾ [الإنسان : ٣٠] ﴿كَلاَّ إِنَهُ تَذْكِرَةُ فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللهُ﴾ [المدثر : ٥٤-٥٦]، وما نبهت عليه من التمكُّن والاختيار في الظاهر هو فائدة بدل " لمَن شاء " من البشر. هـ.