قوة العصب، وماء المرأة أصفر رقيق، فيه قوة الانعقاد، وتخلّق منهما الولد، فما كان من عصب وعظم وقوة فمن ماء الرجل، وما كان من لحم ودم وشعر فمِن ماء المرأة. قال القرطبي : وقد رُوي هذا مرفوعاً. وقيل : إذا علا ماءُ الرجل أشبهه الولد، وإذا علا ماء المرأة أشبهها. وقيل : إذا سبق أحدهما فالشبه له. وقيل :" أمشاج " مفرد غير جمع، كبَرْمة أعشار، وثوب أخلاق. وقيل : أمشاج : ألوان وأطوار، فإنَّ النطفة تصير علقة ثم مضغة إلى تمام الخلقة. وقال ابن السكيت : الأمشاج : الأخلاط ؛ لأنها ممتزجة من أنواع الأغذية من نبات الأرض، فخلق الإنسان منها ذا طبائع مختلفة. هـ.
﴿
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٩٣
نبتليهِ﴾ حال، أي : خلقناه مبتلين له، أي : مريدين ابتلاءه بالأمر والنهي في المستقبل، ﴿فجعلناه سميعاً بصيراً﴾ ليتمكن من سماع الآيات التنزيلية، ومشاهدة الآيات التكوينية، فهو كالمسبب عن الابتلاء، فلذلك عطف على الخلق بالفاء، ورتّب عليه قوله :﴿إِنَّا هديناه السبيلَ﴾ ؛ بيَّنَّا له الطريق، بإنزال الآيات، ونصب الأدلة العقلية والسمعية، ﴿إِمَّا شاكراً وإِمَّا كفوراً﴾ : حال من مفعول ﴿هديناه﴾، أي : مكّنّاه وأقدرناه على سلوك الطريق الموصل إلى البُغية، في حالتي الشكر والكفر، أي : إن شكر أو كفر فقد هديناه السبيل في الحالين، فإن شكر نفع نفسه، وإن كفر رجع وبال كفره عليه، أو : حال من " السبيل "، أي : عرفناه السبيل، إمّا سبيلاً شاكراً، وإمّا سبيلاً كفوراً. ووصف السبيل بالشكر والكفر مجاز، والمراد : سالكه.