الصرف، ومَن نَوّنه فلتناسب الآي المتقدّمة والمتأخّرة، ﴿قدَّروها تقديراً﴾ ؛ صفة للقوارير، يعني : أنَّ أهل الجنة قدَّروها في أنفسهم، وتمنوها، وأرادوا أن تكون على مقادير وأشكال معينة، موافقة لشهواتهم، فجاءت حسبما قدَّروها، تكرمةً لهم، أو : السُّقاة جعلوها على قّدْر ريّ شاربها ؛ لتكون ألذّ لهم وأخف عليهم. وعن مجاهد : لا تُفيض ولا تَغيض، أو : قَدَّروها بأعمالهم الصالحة، فجاءت على حسبها.
﴿
جزء : ٨ رقم الصفحة : ١٩٥
ويُسقون فيها كأساً﴾
؛ خمراً ﴿كان مِزَاجُهَا زَنجبِيلاً﴾ أي : ما يشبه الزنجبيل في الطعم والرائحة. وفي القاموس : الزنجبيل : الخمر، وعُروق تسري في الأرض، ونباته كالقصب والبرد، له قوة سخنة هاضمة ملينة.. الخ. قلت : وهو السكنجيبر ـ بالراء ـ ولعل العرب كانت تمزج شرابها به للرائحة والتداوي. وقوله تعالى :﴿عيناً﴾ : بدل من " زنجبيلا "، ﴿فيها﴾ أي : في الجنة ﴿تُسمى سلسبيلا﴾، سُميت العين زنجبيلاً ؛ لأنَّ ماءها فيه رائحة الزنجبيل، والعرب تستلذه وتستطيبه، وسميت سلسبيلاً لسلاسة انحدارها، وسهولة مساغها، قال أبو عُبيدة : ماء سلسبيل، أي : عذب طيب. هـ. ويقال : شراب سلسبيل وسَلسَال وسلَسيل، ولذلك حُكم بزيادة الباء، والمراد : بيان أنها في طعم الزنجبيل، وليس فيها مرارة ولا زعقة، بل فيها سهولة وسلاسة. والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon