وقوله :﴿تُلْقٌونَ إِليهم بالمودةِ﴾ : حال، أي : لا تتخذوهم أولياء مُلقين إليهم، أو : استئناف، أو : صفة لأولياء، أي : توصلون إليهم المودة، على أن الباء زائدة، كقوله :﴿وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة : ١٩٥]، أو : تُلقون إليهم أخبارَ النبي ﷺ بسبب المودة التي بينكم وبينهم، فتكون أصلية. ﴿وقد كفروا بما جاءكم من الحق﴾ : حال من فاعل " تتخذوا " أو " تُلقون "، أي : لا تتولوهم، أو : لا تودوهم وهذه حالتهم يكفرون ﴿بما جاءكم من الحق﴾ ؛ الإسلام، أو : القرآن، جعلوا ما هو سبب الإيمان سبب الكفر. ﴿يُخرجون الرسولَ وإِياكم﴾ من مكة، وهواستئناف مُبيَّن لكفرهم وعتوهم، أو حال من " كفروا ". وصيغة المضارع لاستحضار الصورة. وقوله :﴿أن تؤمنوا بالله ربِّكم﴾ تعليل للإخراج، أي : يُخرجونكم لإيمانكم، ﴿إِن كنتم خرجتمْ جهادًا في سبيلي وابتغاء مرضاتي﴾، هو متعلق بـ " لاتتخذوا " كأنه قيل : لا تودُّوا أعدائي إن كنتم أوليائي.
﴿تُسِرُّون إِليهم بالمودةِ﴾ أي : تُفضون إليهم بمودتكم سرًّا، أو تُسِرُّون إليهم أسرارَ رسولِ الله ﷺ بسبب المودة، وهو استئناف وارد على نهج العتاب والتوبيخ. ﴿وأنا أعلمُ﴾ أي : والحال أني أعلم منكم ﴿بما أخفيتم وما أعلنتم﴾ ومُطلِع رسولي على ما تُسِرُّون، فإني طائل لكم في الإسرار، وقيل : الباء زائدة، و " أعلم " مضارع و " ما " موصولة، أو مصدرية. ﴿ومَن يَفْعله منكم﴾ أي : الاتخاذ ﴿فقد ضَلَّ سواء السبيل﴾ ؛ فقد أخطأ طريق الحق والصواب.
﴿إِن يَثْقفوكم﴾ أي : يظفروا بكم ﴿يكونوا لكم أعداءً﴾ أي : يُظهروا ما في قلوبهم من العداوة، ويُرتبوا عليها أحكامها، ﴿ويبسُطُوا إِليكم أيديَهم وألسنتهم بالسوء﴾ ؛ بما يسوؤكم من القتل والأسر. ﴿ووَدُّوا لو تكفرون﴾ أي : تمنُّوا ارتدادكم. وصيغة الماضي لتحقُّق ودادهم قبل أن يثقفوكم.


الصفحة التالية
Icon