﴿واذكر اسمَ ربك بُكرةً وأصيلا﴾ اي : دُم على ذكره في جميع الأوقات. وتخصيص الوقتين لشرفهما. قيل : لمّا نهى حبيبه عن طاعة الآثم والكفور، وحَثه على الصبر على آذاهم وإفراطهم في العداوة ؛ عقّب ذلك بالأمر باستغراق أوقاته في ذكره وعبادته، فهو كقوله تعالى :﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَكَ يَضِيقُ صَدْرَكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ...﴾ [الحجر : ٩٧، ٩٨] الآية، وفي إقباله راحة له من وحشته ؛ لجهلهم بأنسه بربه، وقرّة عينه به. وفي ذلك أمُره بالإفراد لربه بطاعته، دون مَن يدعوه، لخلاف ذلك من ألإثم والكفور. هـ. من الحاشية. أو : بكرة : صلاة الفجر، وأصيلاً : الظهر والعصر، ﴿ومن الليل فاسجدْ له﴾ ؛ وبعض الليل فصلِّ صلاة العشاءين، ﴿وسبِّحه ليلاً طويلاً﴾ أي : تهجّد له قِطْعاً من الليل طويلاً ؛ ثلثه أو نصفه أو ثلثيه. وتقديم الظرف في (مِن الليل) لِما في صلاة الليل من مزيد كلفة وخلوص.
﴿
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٠٢
إِنّ هؤلاء﴾ الكفرة ﴿يُحبون العاجلةَ﴾ وينهمكون في لذاتها الفانية، ويؤثرونها على الآخرة، فلا يلتفتون إلى ذكرٍ ولا صلاة، ﴿ويذرون وراءهم﴾ ؛ قدّامهم، فلا يستعدُّون له، أو : ينبذونه وراء ظهورهم، ﴿يوماً ثقيلاً﴾ ؛ شديداً لا يعبؤون به، وهو يوم القيامة ؛ لأنّ شدائده تثقل على الكفار. ووصفه بالثقل لتشبيه شدته وهوله بثقل شيء فادح، وهو كالتعليل لِما أمر به ونَهَى عنه.
﴿نحن خلقناهم﴾ لا غيرنا، ﴿وشَدَدْنا أسْرَهُم﴾ أي : قوّينا خِلقتهم حتى صاروا أقوياء، يُقال : رجل حسن الأسر : الخلق، وفرس شديد الأسر، أي : الخلقة، ومنه
٢٠٣
قوله لبيد :
ساهِمُ الوجه شديدٌ أسْرُهُ
مُشرِفُ الحاركِ محبوكُ الكَتَدْ