المشبّه به، حين يأخذ في الارتفاع والانبساط، بأن ينشق عن أعداد لا نهاية لها بالجمالات المتكاثرة، فيتصوّر فيها حينئذٍ العِظَم أولاً، والانشقاق مع الكثرة والصُفرة والحركة ثانياً، فيبلغ بالتشبيه إلى الذروة العليا. هـ. من الحاشية.
﴿
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢١٠
ويل يومئذٍ للمكذّبين﴾
بنارٍ هذه صفتها مع شواهد القدرة على ذلك وعلى أكبر منه، ﴿هذا يومُ لا ينطقون﴾، الإشارة إلى وقت دخولهم النار، أي : هذا يوم لاينطقون فيه بشيءٍ، إمَّا لأنَّ السؤال والجواب والحساب قد انقضت قبل ذلك، ويوم القيامة طويل، له مواطن ومواقيت، فينطقون في وقتٍ دون وقتٍ، فعبّر عن كل وقت بيوم، أو : لا ينطقون بشيءٍ ينفعهم، فإنَّ ذلك كلا نُطق. وقُرىءَ بنصب اليوم، أي : هذا الذي ذكروا وقع يومَ لا ينطقون، ﴿ولا يُؤذَنُ لهم﴾ في الاعتذار ﴿فيعتذِرُون﴾ : عطف على " يُؤذَن " منخرط في سلك النفي، أي : لا يكون لهم إذن ولا اعتذار يتعقب له، وليس الإذن سبباً للأعتذار وإلاّ لنصب. قال الطيبي عن صاحب الكشف : التقدير : هذا يوم لا ينطقون بمنطق ينفعهم، ولا يعتذرون بعذرٍ يدفع عنهم، فـ " يعتذرن " داخل في النفي، ولو حملناه على الظاهر لتَنَاقض ؛ لأنه يصير : هذا يوم لا ينطقون فيعتذرون ؛ لأن الاعتذار نُطق أيضاً. هـ. ﴿ويل يومئذٍ للمكذِّبين﴾ بالبعث وما بعده.
﴿هذا يومُ الفَصْلِ﴾ بين الحق والباطل، أو : بين المُحق والمُبطل، ﴿جمعناكم﴾ فيه، والخطاب لأمة محمد ﷺ ﴿والأولينَ﴾ من الأمم، فيقع الفصل بين الخلائق، ﴿فإِن كان لكم كَيْدٌ﴾ هنا كما كان في الدنيا ﴿فكِيدُونِ﴾ فإنَّ جميع مَن كنتم تُقلدون وتقتدُون بهم حاضرون معكم. وهذا تقريع لهم على كيدهم للمؤمنين في الدنيا، وإظهار لعجزهم هناك، ﴿ويل يومئذٍ للمكذِّبين﴾ بهذا، حيث أظهر ألاَّ حِيلة لهم في الخلاص من العذاب.


الصفحة التالية
Icon