﴿لا يَذُوقون فيها بَرْداً ولا شَراباً﴾ : حال من ضمير " لابثين " أي : غير ذائقين فيها ﴿برداً﴾ أي : نسيماً بارداً، بل لهباً حاراً، ﴿ولا شراباً﴾ بارداً، ﴿إلاَّ حميماً﴾ ؛ ماءً حاراً، استثناء منقطع، أي : لا يذوقون في جهنم، أو في الأحقاب، برداً، ولا ينفس عنهم غم حر النهار، أو : نوماً، فإنَّ النوم يطلق عليه البرد، لأنه يبرد سَوْرة العطش، ولا شراباً يُسكن عطشهم، لكن يذوقون فيها ماءً حاراً، يحرق ما يأتي عليه، ﴿وغسَّاقاً﴾ أي : صديداً يسيل من أجسادهم. وفي القاموس : وغَساق كسَحاب وشدّاد : البادرُ المنتن. وقال الهروي عن الليث :(وغساقاً) أي : مُنتناً، ودلّ عليه قوله ﷺ :" لو أنَّ دلواً من غساق يُهرَاقُ في الدنيا، لأنتَنَ أهلُ الدنيا "، وقيل : ما يسيل من أعينهم من دموعهم يسقون به مع الحميم، يقال : غسقت عينه تغْسَق، إذا سالت. ثم قال : ومَن قرأ بالتخفيف، فهو البارد الذي يُحرق ببرده. هـ.
﴿
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢١٨
جزاءً وِفاقاً﴾ أي : جُوزوا بذلك جزاءً موافقاً لأعمالهم الخبيثة، مصدر بمعنى الصفة، أو : ذا وفاق. ﴿إِنهم كانوا لا يرجون حِساباً﴾ أي : لا يخافون محاسبة الله إياهم، أو : لا يؤمنون بالبعث فيرجعوا حسابه، ﴿وكذّبوا بآياتنا﴾ الناطقة بذلك ﴿كِذَّاباً﴾ أي : تكذيباً مفرطاً، ولذلك كانوا مصرِّين على الكفر وفنون المعاصي. و " فعّال " في باب فعّل فاش. ﴿وكلَّ شيءٍ﴾ من الأشياء، ومِن جملتها أعمالهم الخبيثة، ﴿أحصيناه﴾ أي : حفظناه وضبطناه ﴿كِتاباً﴾، مصدر مؤكد لأحصينا ؛ لأنَّ الإحصاء والكتابة من وادٍ واحد،
٢٢٠