قال الكواشي : نزلت رخصة في صلة الذين لم يُعادوا المؤمنين ولم يُقاتلوهم. ثم قال : وفي هذه الآية دلالة على جواز صلة الكفار، الذين لم ينصبوا لحرب المسلمين، وبِرهم، وإن انقطعت الموالاة بينهم. هـ. قال القشيري : مَن كان فيهم حُسن خُلق، أو للمسلمين منهم رِفْق، أُمروا بالملاينة معهم، شاهد هذه الجملة :" إنَّ الله يُحب الرِّفق في الأمر كله ". هـ. المحشي. وهذا : فيما لا ضرر فيه للمسلمين، وفي المدارك : حكى الدارقطني أنَّ عبدَ وزيرِ المعتضد دخل على القاضي إسماعيل، وكان نصرانيّاً، فقام له ورحّب به، فرأى إنكار مَن عنده، فقال : علمت إنكاركم، وقد قال تعالى :﴿لا ينهاكم الله...﴾ الآية، وهذا رجل يقضي حوائج المسلمين، وهو سفير بيننا وبين المعتضد، وهذا مَن البر، فسكت الجماعةُ عند ذلك. هـ. قال البرزلي : ولعله رأى ذلك ضرورة، وتأنّس بظاهر الآية، وخاف مِن أذاه إن لم يفعل ذلك. هـ.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٤
وفي حديث الجامع :" بُعثتُ بمداراة الناس "، قيل : والفرق بينها وبين المداهنة : أنَّ المداهنة : إظهار الرضا بفعل الفاسق من غير إنكار عليه، والمداراة : هي الرفق في تعليم الجاهل، والملاطفة في نهي الفاسق عن فعله، وقد قال تعالى :﴿فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا﴾ [طه : ٤٤]، وقيل : المداهنة : ترك الدين بالدنيا، والمداراة : بيع الدنيا بحفظ الدين.
وقد عَدّ السهروردي في " الآداب " مِن رُخص الصوفية : التكلُّف مع أبناء الدنيا
٢٥


الصفحة التالية
Icon