وعن الصِّدِّيق رضي الله عنه أنه سُئل عن الأب، فقال : أيُّ سماء تُظلني، وأيّ أرض تُقلني إذا قلتُ في كتاب الله ما لا علم لي به. وعن عمر رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية، فقال : كل هذا قد عرفناه، فما الأبُّ ؟ ثم رفع عصاً كانت بيده، فقال : هذا لعَمْرُ الله التكلُّف، وما عليك يا ابن أمر عمر، ألاَّ تدري ما الأبُّ ؟ ثم قال : اتبعوا ما تبين لكم وما لا فلتَدعُوه. هـ. وهذه اللفظة من لغات البادية، فلذلك خفيت على الحواضر. ﴿متاعاً لكم ولأنعامكم﴾ أي : جعل ذلك تمتيعاً لكم ولمواشيكم، فإنّ بعض هذه المذكورات طعام لهم، وبعضها علف لدوابهم، و ﴿متاعاً﴾ : مفعول لأجله، أو : مصدر مؤكد لفعله المضمر بحذف الزوائد، أي : متّعكم بذلك متاعاً، والالتفات لتكميل الامتنان، والله تعالى أعلم.
الإشارة : قُتل الإنسان ؛ لُعن الغافل عن ذكر الله، لقوله عليه السلام :" الدنيا مَلعونَةٌ، ملعونٌ ما فيها، إلاَّ ذِكْرُ الله وما وَالاهُ، وعالماً ومُتَعلِّماً "، فلم يخرج من اللعنة إلاّ الذاكر والعالِم والمتعلم إذا أخلصا، ثم عجب تعالى من شِدة كفره لنِعمه، حيث لم يُشاهد المُنعِّم في النِعم، فيقبض منه، ويدفع إليه، ثم ذكر أول نشأته ومنتهاه، وما تقوم به بِنْيتِه فيما بينهما ؛ ليحضه على الشكر. قال القشيري :﴿من أيّ شيء خلقه..﴾ الخ، يعني : ما كان له ليكفر، لأنّا خلقناه من نطفة الوجود المطلق وهيأناه لمظهرية ذاتنا وصفاتنا، وأسمائنا. هـ.


الصفحة التالية
Icon