الإشارة : اعلم أنَّ النفس والروح والسر أسماء لمسمَّى واحد، وهو اللطيفة اللاهوتية السارية في الأبدان، فما دامت تميل إلى المخالفة والهوى سُميت نفساً، فإذا تطهرت بالتقوى الكاملة سُميت روحاً فإذا تزكّت وأشرقت عليها أسرار الذات سُميت سرًّا، فالإشارة في قوله :﴿إذا الشمس كُورت﴾ إلى تكوير النفس وطيها، حين انتقلت إلى مرتبة الروح، وإذا النجوم : نجوم علم الرسوم، انكدرت حين أشرقت عليها شمس العرفان، فلم يبقَ منها للعارف إلاّ ما يحتاج إليه من إقامة رسم العبودية، يعني يقع الاستغناء عنها، فإذا تنزل إليها حققها أكثر من غيره، إذا الجبال ؛ جبال العقل، سُيرت ؛ لأنّ نوره ضعيف كنور القمر مع طلوع الشمس، وإذا العِشارُ عُطلتْ، أي : النفوس الحاملة أثقال الأعمال والأحوال، وأعباء التدبير والاختيار، فيقع الغيبة عنها بأثقالها، وإذا الوحوش، أي :
٢٤٨
الخواطر الردية حُشرتْ وغرقتْ في بحر الأحدية، وإذا البحارُ بحار الأحدية سُجرتْ، أي : فُجرت وانطبقت على الوجود، فصارت بحراً واحداً متصلاً أوله بآخره، وظاهره بباطنه، وإذا النفوس، أي : الأرواح، زُوجتْ بعرائس المعرفة في البقاء بعد الفناء، على سُرر التقريب والاجتباء. وقال سهل : تآلفت نفس الطبع مع نفس الروح، ففرحت في نعيم الجنة، كما كانتا متآلفتين في الدنيا على إدامة الذكر. هـ.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٤٦


الصفحة التالية
Icon