ثم وَجَّه حديثَ ابن عباس :" ملعون مَن أكرم بالغنى وأهان بالفقر " فإنَّ معناه : مَن عظَّم الدنيا وعظَّم أهلها، فأمّا مَن دقت الدنيا في عينه، يرى أهلَها مُبْتَلون بها، بما تقتضيه من القيام بالشكر، ثم غرقه في حِسَابه، فيرحمه كما يرحم الذي ذهب به السيل، ويكرمه، ويبره بما عَوّده الله، وأبقاه على دينه، لئلا يَفسد، فذلك فعل الأنبياء والأولياء، وبذلك وصَّى رسول الله ﷺ فقال :" إذا أتاكم كريمُ قومٍ فأكرموه " فهو إنما يُكرم لله ويهين لله، لا للدنيا، ومن فعل ذلك للدنيا كان ملعونًا، ثم ذكر حديث :" مَن أُعطي حظه من الرفق أُعطي حظَّه من خير الدنيا والآخرة، من حُرمه حُرم كذلك "، ثم ذكر قصة نسْطُور
٢٦
صاحب ابن مريم عليه السلام ورفقه وتلطُّفه مع ذلك الملك الذي سجن صاحبيْه، حتى استخلصهما منه برفق، وأعلم الملكَ وجميعَ الناس في قضية عجيبة، فعليك بها.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٤


الصفحة التالية
Icon