رُوي أنه لمّا نزلت الآية أدّى المؤمنون ما أُمروا به من مهور المهاجرات إلى أزواجهن من المشركين، وأبى المشركون أن يردُّوا شيئًا من مهور الكوافر إلى أزواجهن المسلمين، فنزل قوله تعالى :﴿وإن فاتكم﴾ أي : سبقكم وانفلت منكم ﴿شيءٌ من أزواجكم إِلى الكفار﴾ أي : أحَدٌ من أزواجكم، وقرىء به. وإيقاع " شيء " موقعه للتحقير والتعميم، ﴿فعاقبتم﴾، من المعاقبة، لا من العقوبة، أي : صرتم منهم إلى الحال التي صاروا إليها منكم، وذلك بأن يفوت إليكم شيء من أزواجهم، شبّه ما حكم به على المسلمين والكافرين، من أداء هؤلاء مهور نساء أولئك تارة، وأداء هؤلاء مهور نساء هؤلاء أخرى، بأمر يتعاقبون فيه كما يتعاقب في الركوب وغيره. ﴿فآتوا الذين ذهبتْ أزواجُهم﴾ منكم إلى الكفار ﴿مثلَ ما أنفقوا﴾، تُعطوه من مهر المهاجرة التي تزوجتموها، ولا تؤتوا زوجها الكافر شيئًا، أي : ما كنتم تُعطونه للكفار من مهور أزواجهم المهاجرات أعطوه لمَن فاتت زوجته ولحقت بالكفار، فأزال الله دفعها إليهم، حين لم يرضوا بحُكمه، على أنّ هذا حكم قد نُسخ. قال ابن عطية : وهذه الآية كلها قد ارتفع حكمها. هـ. وذكر الكواشي الخلاف في النسخ وعدمه، وأنَّ رد المال مستمر، وذكر الخلاف في أنَّ الإنفاق كان على الوجوب أو الندب. هـ.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٧