الإشارة : فَذكِّرْ أيها العارف الدالّ على الله إن نفعت الذكرى ؛ إن رجوتَ أو توهمتَ نفع تذكيرك، فإن تحققتَ عدم النفع فلا تتعب نفسك في التذكير، فربما يكون بطالة، كتذكير العدو الحاسد لك، أو المعاند، أو المنهمك في حب الرياسة، فتذكير هؤلاء ضرب في حديد بارد. وينبغي للمذَكِّر أن يكون ذا سياسة وملاطفة، قال تعالى :﴿ادْعُ إِلِىا سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ...﴾ [النحل : ١٢٥]الخ، والحكمة : هي أن تٌقر كلَّ واحد في حكمته، وتدسه منها إلى ربه، فأهل الرئاسة تقرهم فيها وتدلهم على الشفقة والرحمة بعباد الله، وأهل الدنيا تُقرهم فيها وتدلهم على بَذلها، وأهل العلم تُقرهم في علمهم وتحضهم على الإخلاص وبذل المجهود في نشره، وأهل الفقر تقرهم فيه وتُرغبهم في الصبر... وهكذا، فإن رأيتَ أحداً تشوّف إلى مقام أعلى مما هو فيه فدُلّه عليه، وأهل التذكير لهم عند الله جاه كبير، فأحَبُّ الخلق إلى الله أنفعهم لعياله، كما في الحديث. وفي
٢٩٠
حديث آخر :" إنَّ أود الأوداء إليَّ مَن يحبني إلى عبادي، ويحبِّب عبادي إليّ، ويمشي في الأرض بالنصيحة " أو كما قال عليه السلام :