رُوي : أنه كان لعاد ابنان شدّاد وشديد، فمَلَكا وقَهَرا، ثم مات شديد وخلص الأمر لشدّاد، فملك الدنيا، ودانت له ملوكها، فسمع بذكر الجنة، فقال : أبني مثلها، فبنى إرم في بعض صحاري عدن في ثلاثمائة سنة، وكان عمره تسعمائة سنة، وهي مدينةٌ عظيمةٌ، قصورها من الذهب والفضة، وأساطينها من الزبرجد والياقوت، وفيها أصناف الأشجار والأنهار، ولمَّا تمَّ بناءها سار إليها بأهل مملكته، فلمّا كان منها على مسيرة يوم وليلةٍ، بعث اللهُ عليه صيحة من السماء فهلكوا، وقيل : غطتها الريح بالرمل فما غمًّا عليها. وعن عبد الله بن قلابة : أنه خرج في طلب إبل له، فوقع عليها، فحمل ما قدر عليه ممّا ثمَّ، فبلغ خبره معاوية، فاستحضره فقصَّ عليه، فبعث إلى كعب فسأله، فقال : هي إرم ذات العماد، وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك، أحمر أشقر، قصير، على حاجبه
٢٩٨
خال، وعلى عنقه خال، يرخج في طلب إبل له، ثم التفت فأبصر ابن قلابة، فقال : هذا واللهُ ذلك الرجل. انظر الثعلبي.
﴿التي لم يُخْلَق مثلُها في البلاد﴾ أي : مثل عادٍ في قوتهم، كان الرجل منهم يحمل الصخرة، فيجعلها على الحق فيهلكهم، وطُولِ قامتهم، كان طول الرجل منهم أربعمائة ذراع، أو : لم يُخلق مثل مدينة " شدّاد " في جميع بلاد الدنيا، ذكر في القوت : أنَّ بعض الأولياء قال : دخلتُ مائة مدينة، أصغرها إرم ذات العماد، ثم قال : وقوله تعالى على هذا :﴿لم يخلق مثلها في البلاد﴾ أي : بلاد اليمن. هـ.
﴿
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٢٩٧
وثمودَ الذين جابوا الصَّخْرَ بالوادِ﴾ أي : قطعوا صخر الجبال، واتخذوا فيها بيوتاً، قيل : أوّل مَن نحت الجبال والصخور ثمود، وبنوا ألفاً وسبعمائة مدينةٍ كلها من الحجارة، والمراد بالواد وادي القُرى، وقيل غيره. والوادي : ما بين الجبلين، وإن لم يكن فيه ماء.