رُوي : أنه ﷺ لمّا فرغ يوم فتح مكة من بيعة الرجال، أخذ في بيعة النساء، وهو على الصفا، وعُمرُ قاعد أسفل منه، يُبايعهنّ عنه بأمره، وهند بنت عتبة ـ امراة أبي سفيان ـ متقنّعه متنكّرة مع النساء، خوفًا من النبي صلى الله عليه سلم أن يعرفها، فقال ﷺ :" أبايعكن على ألا تُشركن بالله شيئًا " فقالت هند : والله إنك لتأخذ علينا شيئًا ما رأيتك أخذته على الرجال ـ لأنه عليه السلام بايع الرجال على الإسلام والجهاد فقط ـ فقال النبي ﷺ :" ولا تسرقن " فقالت هند : إنّ أبا سفيان رجل شحيح، وإني أصَبتُ منم ماله هَنَاتٍ، فقال أبو سفيان : هو لك حلال، فقال :" ولا تزنين " فقالت هند : أَوَتزني الحُرّة ؟ فقال :" ولا تقتلن أولادكنّ "، فقالت هند : رَبيناهم صغارًا وقتلتموهم كبارًا، وكان ابنها قُتل يوم بدر، فقال :" ولا تأتين ببهتان... " الخ، فقالت هند : والله إنّ البهتان لقبيح، وما تأمرنا إلاّ بالرشد ومكارم الأخلاق! فقال :" ولا تعصين في معروف " فقالت : وما جلسنا في مجلسنا
٣٠
هذا وفي أنفسان أن نعصيك في شيء، فأقرّ النسوةُ بما أخذ عليهن.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٠
وقالت أميمة : يا رسول الله، صافحْنا ؟ فقال :" إني لا أُصافح النساء، إنما قَوْلي لامرأة كقولي لمائة امرأة "، قالت عائشة : ما مست يدُ رسولِ الله ﷺ يدَ امرأةٍ قط، إنما بايعهن كلامًا، وقيل : لفّ على يده ثوبًا، وقيل : غمس يده في قدح، فغمسْن أيديهن فيه. والله تعالى أعلم.
الإشارة : الشيخ في قومه كالنبي في أمته، فيُقال له : إذا جاءك النفوسُ المؤمنةُ يُبايعنك على ألا ترى مع الله شيئاً، ولا تميل إلى الدنيا، ولا إلى الهوى، ولا تهمل ما تنتج أفكارُها من الواردات، ولا تأتي ببهتان تفتريه ؛ بأن تنسب فعلاً إلى غير الله، أو بأن تكذب في أحوالها وأقوالها، ولا تعصي فيما تأمرها وتنهاها، فإن جاءت على ما ذكر فبايعها واستغفِر لها الله فيما فرّطت فيه، إنّ الله غفور رحيم.
٣١
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٠


الصفحة التالية
Icon