فيما بينهم. ﴿أولئك أصحابُ الميمنةِ﴾ أي : الموصوفون بهذه الصفات هم أصحاب اليمين واليمْن، ﴿والذين كفروا بآياتنا﴾ ؛ بما نصبناه دليلاً على الحق من كتاب وحجة، أو بالقرآن ﴿هم أصحابُ المشئمةِ﴾ أي : الشمال أو الشؤم، ﴿عليهم نار موصدة﴾ ؛ مُطْبَقة، من أوصدت الباب وآصدته : إذا أغلقته.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٠٦
الإشارة : هلاَّ اقتحم مريد الوصول العقبةَ، وهي سلوك الطريق، بخرق عوائد النفس وترك هواها، وجَرِّها إلى مكروهها، وعن الحسن رضي الله عنه : عقبة ـ والله ـ شديدة، يُجاهد الإنسانُ نفسَه وهواه، وعدوه الشيطان. هـ. ثم فسَّرها بفك الرقبة، أي : رقبة نفسه يفكها من أن يملكه السِّوى، أو : يفكها من الذنوب والعيوب، أو فكها من رِقّ الطمع في الخلق، فإنه بذر شجرة الذل، أو : فكها من سجن الأكوان إلى فضاء شهود المكوِّن، أو : فك رقبة الغافل الجاهل من رِقّ نفسه بتذكيره ووعظه أو تربيته، أو إطعام روح جائعة من اليقين، إمّا يتيماً لا أب له روحاني، أي لا شيخ له، فتذكِّره بما يتقوّى به إيقانه، أو فقيراً من أسرار التوحيد ترابيًّا أرضيًّا، فترقّيه إلى سماء الأسرار، ثم كان ممن آمن بطريق الخصوص، وتواصَى بالصبر على مشاق السير، والتراحم والتوادد والتواصل، كما هو شأن أهل النسبة، فهؤلاء هم أهل اليُمْن والبركة، وضدهم ممن جحدوا أهل الخصوصية هم أهل الشؤم. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله.
٣٠٧
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٠٦