﴿ووضعنا عنك وِزْرَكَ﴾، عطف على مدلول الجملة السابقة، كأنه قيل : قد شرحنا لك صدرك ووضعنا عنك وزرك، أي : حططنا عنك عبأك الثقيل، ﴿الذي أَنْقَضَ ظهرك﴾ أي : أثقله حتى سمع له نقيض، وهو صوت الانتقاض، أي : خففنا عنك أعباء النبوة والقيام بأمرها، أو : يُراد ترك الأفضل مع إتيان الفاضل، والأنبياء يعاتبون بمثلها، ووضعه عنه : أن يغفر له. قال ابن عرفة : التفسير السالم فيه : أن يتجوّز في الوضع بمعنى الإبعاد، أو يتجوّز في الوزر، فإن أريد بالوزر حقيقته فيكون المعنى : أبعدنا عنك ما يتوهم أن يلحقك من الوزر اللاحق لنوعك، وإن أريد بالوزر المجازي، وهو ما يلحقه قِبَل النبوة من الهم والحزن بسبب جهلك ما أنت الآن عليه من الأحكام الشرعية، فيكون الوضع حقيقة، والوزر مجازاً. هـ. قلت : والظاهر : أنَّ كل مقام له ذنوب، وهو رؤية التقصير في القيام بحقوق ذلك المقام، فحسنات الأبرار سيئات المقربين، فكلما علا المقام طُولب صاحبه بشدة الأدب، فكأنه ﷺ خاف ألاّ يكون قام بحق المقام الذي أقامه الحق فيه، فاهتمّ من أجله، وجعل منه حملاً على ظهره، فأسقطه الحق تعالى عنه، وبشَّره بأنه مغفور له على الإطلاق ؛ ليتخلّى من ذلك الاهتمام.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٢١