﴿وامرأتُه﴾ : عطف على المستكن في " يَصْلى " لمكان الفعل. وهي أم جميل بنت حرب، أخت أبي سفيان، وكانت تحمل حزمة من الشوك والحسك والسعد، فتنثرها بالليل في طريق النبي، وكان النبيُّ ﷺ يطؤه كما يطأ الحرير. وقيل كانت تمشي بالنميمة، ويقال لمَن يمشي بالنميمة ويُفسد بين الناس : يحمل الحطب بينهم، أي : يُوقد بينهم النار، وهذا معنى قوله :﴿حمّالةَ الحطبِ﴾ بالنصب على الذم والشتم، أو : الحالية، بناء على أنَّ الإضافة غير حقيقية، لوجوب تنكير الحال، وقيل : المراد : أنها تحمل يوم القيامة حزمة من حطب جهنم كالزقوم والضريع. وعن قتادة : أنها مع كثرة مالها كانت تحمل الحطب على ظهرها، لشدة بُخلها، فعيرت بالبخل، فالنصب حينئذ على الذم حتماً. ومَن رفع فخبر عن " امرأته "، أو : خبر عن مضمر متوقف على ما قبله. وقُرىء " ومُرَيَّتُه " فالتصغير للتحقير، ﴿في جِيدِها﴾ في عُنقها ﴿حَبْلٌ من مَسَد﴾ والمسد : الذي فُتل من الحبال فتلاً شديداً، من ليف المُقْل أو من أي ليفٍ كان، وقيل : من لحاء شجر باليمن، وقد يكون من جلود الإبل وأوبارها.
قال الأصمعي : صلّى أربعة من الشعراء خلف إمام اسمه " يحيى " فقرأ :" قل هو الله أحد " فتعتع فيها، فقال أحدهم :
أكثَرَ يَحْيى غلطا
في قل هو الله أحد
٣٦٨
وقال الثاني :
قام طويلاً ساكتاً
حتى إذا أعيا سجد
وقال الثالث :
يزْحَرُ في محرابه
زحيرَ حُبْلى بوتد
وقال الرابع :
كأنما لسانه
شُدّ بحبلٍ من مسد
والمعنى : في جيدها حبل مما مُسد من الحبال، وأنها تحمل تلك الحزمة من الشوك، وتربطها في جيدها، كما يفعل الحطّابون، تحقيراً لها، وتصويراً لها، بصورة بعض الحطّابات، لتجزع من ذلك، ويجزع بعلُها، وهما من بيت الشرف والعزّ.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٦٧


الصفحة التالية
Icon