﴿ولم يُولدْ﴾ أي : لم يتولد عن شيءٍ، لا ستحالة نسبة العدم إليه سابقاً ولاحقاً. والتصريح به مع كونهم معترفين بمضمونه لتقرير ما قبله وتحقيقه، وللإشارة إلى أنهما متلازمان، إذ المعهود أنَّ ما يلد يولد، وما لا فلا، ومِن قضية الاعتراف بأنه لم يلد : الاعتراف بأنه لم يُولد، ﴿ولم يكن له كُفُواً أحَدٌ﴾ أي : ولم يكن أحد مماثلاً له ولا مشاكلاً، مِن صاحبة أو غيرها. و(له) : متعلق بـ " كُفُواً "، قدمت عليه للاهتمام بها ؛ لأنَّ المقصود نفي المكافأة عن ذاته تعالى، وأمّا تأخير اسم كان فلمراعاة الفواصل. ووجه
٣٧١
الوصل في هذه الجُمل غَنِي عن البيان.
هذا ولانطواء السورة الكريمة، مع تقارب قطريها، على أنواع المعارف الإلهية والأوصاف القدسية، والرد على مَن ألحد فيها، ورد في الحديث النبوي : أنها تعدل ثلث القرآن، فإنّ مقاصده منحصرة في بيان العقائد والأحكام والقصص، وقد استوفت العقائد لمَن أمعن النظر فيها. عن النبي ﷺ :" أُسست السموات السبع والأرضون السبع على ﴿قل هو الله أحد﴾ " أي : ما خلقت إلاَّ لتكون دلائل توحيده، ومعرفة ذاته، التي نطقت بها هذه السورة الكريمة.
وعنه ﷺ أنه سمع رجلاً يقرؤها، فقال :" " وجبت " فقيل : وما وجبت ؟ فقال :" الجنة "، وشكى إليه رَجُلٌ الفقرَ وضيق المعاش، فقال له ﷺ :" إذا دخلت بيتك فسَلِّم، إن كان فيه أحد، وإلا فسَلِّم عليّ واقرأ :﴿قل هو الله أحد﴾ " ففعل الرجل، فأدرّ اللهُ عليه الرزق، حتى أفاض على جيرانه "، وخرّج الترمذي : أنَّ رسولَ الله ﷺ قال :" من قرأ ﴿قل هو الله أحد﴾ مائتي مرة في يوم غُفرت له ذنوب خمسين سنة، إلاّ أن يكون عليه دَيْن "، وفي الجامع الصغير أحاديث في فضل السورة تركناه خوف الإطناب.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٣٧٠


الصفحة التالية
Icon