وكانوا إذا أقبلت العير استقبلوها بالطبل والتصفيق، وهو المراد باللهو. وتخصيص التجارة برجْع الضمير إليها ؛ لأنها المقصودة، أو لأن الانفضاض إذا كان للتجارة مع الحاجة إليها مذموماً، فما ظنك بالانفضاض إلى اللهو، فهو مذموم في نفسه، وقيل : التقدير : إذا رأوا تجارة انفضُّوا إليها، أو لهواً انفضُّوا إليه، فحذف الثاني لدلالة الأول عليه. وقال أبو حيان : وإنما قال :" إليها "، ولم يقل : إليهما، لأن العطف بـ " أو " لا يثنى فيه الضمير، بل يفرد، وقال الطيبي : الضمير راجع إلى اللهو، باعتبار المعنى، والسر فيه : أنَّ التجارة إذا شغلت المكلّف عن الذكر عُدت لهواً، وتعد فضلاً إن لم تشغله، كما ذكر قبل ذلك، فراجعه.
﴿وتَركُوك قائمًا﴾ على المنبر، وفيه ندليل على طلب القيام في الخطبة إلاَّ لعذر. ﴿قل ما عند الله﴾ من الثواب ﴿خير من اللهو ومن التجارة﴾ فإنَّ في ذلك نفع محقق دائم، بخلاف ما فيهما من النفع المتوهم. ﴿واللهُ خيرُ الرازقين﴾ فإليه اسعوا، ومنه اطلبوا الرزق، أي : لا يفوتهم رزق الله بترك البيع، فهو خير الرازقين.
٤٥
الإشارة : إذا نُودي لصلاة القلوب في مقام الجمع، من ناحية الداعي إليها، وهم المشايخ العارفون، فاسعوا إلى ذكر الله، ودُوموا عليه باللسان والقلب، ثم بالقلب فقط، ثم بالروح، ثم بالسر، فإنَّ الذكر منشور الولاية، ولا بد منه في البداية والنهاية، قال الورتجبي بعد كلام : الساعي إلى الذكر مقام المريدين، والمحقق في المعرفة غلب عليه ذكر الله إياه بنعت تجلِّي نفسه لقلبه. هـ.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٤٤