" صفحة رقم ١٣٥ "
الذي أُوتيتُه ) ووجه تسميتها بذلك أنها سبع آيات باتفاق القراء والمفسرين ولم يشذ عن ذلك إلا الحسن البصري فقال : هي ثمان آيات، وإلا الحسين الجعفي فقال : هي ست آيات، وقال بعض الناس : تسع آيات ويتعين حينئذٍ كون البسملة ليست من الفاتحة لتكون سبع آيات ومن عدّ البسملة أدمج آيتين.
وأما وَصفها بالمثاني فهو مفاعل جمع مُثَنَّى بضم الميم وتشديد النون، أو مُثْنَى مخفف مُثَنَّى، أو مَثْنَى بفتح الميم مخفف مَثْنِى كمَعْنى مخفف مَعْنِي ويجوز تأنيث الجميع كما نبه عليه السيد الجرجاني في ( شرح الكشاف ) وكل ذلك مشتق من التثنية وهي بضم ثان إلى أول.
ووجه الوصف به أن تلك الآيات تثنى في كل ركعة كذا في ( الكشاف ). قيل : وهو مأثور عن عمر بن الخطاب، وهو مستقيم لأن معناه أنها تضم إليها السورة في كل ركعة، ولعل التسمية بذلك كانت في أول فرض الصلاة فإن الصلوات فُرِضت ركعتين ثم أُقِرَّت صلاةُ السفر وأطيلت صلاةُ الحضر كذا ثبت في حديث عائشة في ( الصحيح ) وقيل : العكس.
وقيل : لأنها تثنى في الصلاة أي تكرر فتكون التثنية بمعنى التكرير بناء على ما شاع عند العرب من استعمال المثَّنى في مطلق المكرر نحو ) ثمَّ ارجع البَصر كَرَّتَيْن ( ( الملك : ٤ ) وقولهم لبيك وسَعديك، وعليه فيكون المراد بالمثاني هنا مثل المراد بالمثاني في قوله تعالى :( كتاباً متشابهاً مثاني ( ( الزمر : ٢٣ ) أي مكررَ القصص والأغراض، وقيل : سميت المثاني لأنها ثنيت في النزول فنَزلت بمكة ثم نزلت في المدينة وهذا قول بعيد جداً وتكرُّر النزول لا يعتبر قائله، وقد اتُّفق على أنها مكية فأي معنى لإعادة نزولها بالمدينة.
وهذه السورة وضعت في أول السُّوَر لأنها تنزل منها منزل ديباجة الخطبة أو الكتاببِ، مع ما تضمنته من أصول مقاصد القرآن كما علمتَ آنفاً وذلك شأن الديباجة من براعة الاستهلال.
وهذه السورة مكية باتفاق الجمهور، وقال كثير إنها أول سورة نزلت، والصحيح أنه نزل قبلها :( اقرأ باسم ربك ( ( العلق : ١ ) وسورة المدثر ثم الفاتحة، وقيل نزل قبلها أيضاً :( ن والقلم ( ( القلم : ١ ) وسورة المزمل، وقال بعضهم هي أول سورة نزلت كاملة أي غير منجمة، بخلاف سورة القلم، وقد حقق بعض العلماء أنها نزلت عند فرض الصلاة فقرأ المسلمون بها في الصلاة عند فرضها، وقد عدت في رواية عن جابر بن زيد السورة الخامسة في ترتيب