" صفحة رقم ١٣٧ "
الكلام على البسملة
) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ ).
البسملة اسم لكلمة باسم الله، صيغ هذا الاسم على مادَّةٍ مؤلفة من حروف الكلمتين باسم والله على طريقة تسمى النَّحْت، وهو صوغ فعللِ مُضِيٍ على زنة فَعْلَل مؤلفةٍ مادِّتُه من حروف جملة أو حروففِ مركَّب إِضَافِيَ، مما ينطق به الناس اختصاراً عن ذكر الجملة كلها لقصد التخفيف لكثرة دوران ذلك على الألسنة. وقد استعمل العرب النحت في النَّسَب إلى الجملة أو المركب إذا كان في النسببِ إلى صدر ذلك أو إلى عَجزه التباس، كما قالوا في النسبة إلى عبد شمس عَبْشَمِيّ خشية الالتباس بالنسب إلى عبدٍ أو إلى شمس، وفي النسبة إلى عبد الدار عَبْدَرِيّ كذلك وإلى حضرموت حضرمي قال سيبويه في باب الإضافة ( أي النسَب ) إلى المضاف من الأسماء :( وقد يجعلون للنسب في الإضافة اسماً بمنزلة جَعْفَري ويجعلون فيه من حروف الأول والآخر ولا يخرجونه من حروفهما ليُعْرَف ) ا هـ، فجاء من خلفهم من مولدي العرب واستعملوا هذه الطريقة في حكاية الجمل التي يكثر دورانها في الألسنة لقصد الاختصار، وذلك من صدر الإسلام فصارت الطريقة عربية. قال الراعي :
قَومٌ على الإسلام لَمَّا يمنعوا
ما عونَهم ويُضيِّعوا التَهْلِيلا
أي لم يتركوا قول : لا إلاه إلا الله. وقال عُمر بن أبي ربيعة :
لقد بسملت ليلَى غداةَ لقيتُها
ألا حَبَّذا ذاك الحبيبُ المُبَسْمِلُ
أي قالت بسم الله فَرَقاً منه، فأصل بسمل قال بسم الله ثم أطلقه المولدون على قول بسم الله الرحمن الرحيم، اكتفاء واعتماداً على الشهرة وإن كان هذا المنحوتُ خِليَّاً من الحاء والراء اللذين هما من حروف الرحمن الرحيم، فشاع قولهم بسمل في معنى قال بسم الله الرحمن الرحيم، واشتق من فعل بسمل مصدر هو البسملة كما اشتق من هَلَّل مصدر هو الهيللة وهو مصدر قياسي لفعلل. واشتق منه اسم فاعل في بيت عمر بن أبي ربيعة ولم يسمع اشتقاق اسم مفعول.
ورأيت في ( شرح ابن هارون التونسي على مختصر ابن الحاجب ) في باب الأذان عن المطرز