" صفحة رقم ١٤٢ "
التي في أول الفاتحة من هاتين الصفتين بأن تصير الفاتحة هكذا :( بسم الله الحمد لله الخ ).
وأنا أرى في الاستدلال بمسلك الذوق العربي أن يكون على مراعاة قول القائلين بكون البسملة آية من كل سورة فينشأ من هذا القوللِ أَنْ تكون فواتح سور القرآن كلُّها متماثلة وذلك مما لا يحمد في كلام البلغاء إذ الشأن أن يقع التفنن في الفواتح، بل قد عد علماء البلاغة أَهَمَّ مواضع التأنق فاتحةَ الكلام وخاتمتَه، وذكروا أن فواتح السور وخواتمها واردة على أحسن وجوه البيان وأكملها فكيف يسوغ أن يُدَّعَى أَن فواتح سورة جملةٌ واحدة، مع أن عامة البلغاء من الخطباء والشعراء والكتاب يتنافسون في تفنن فواتح منشآتهم ويعيبون من يلتزم في كلامه طريقة واحدة فما ظنك بأبلغ كلام.
وأما حجة مذهب الشافعي ومن وافقه بأنها آية من سورة الفاتحة خاصة فأمور كثيرة أنهاها فخر الدين إلى سبع عشرة حجة لا يكاد يستقيم منها بعد طرح المتداخل والخارج عن محل النزاع وضعيف السند أو واهيه إلا أمران : أحدهما أحاديث كثيرة منها ما روى أبو هريرة أن النبيء عليه الصلاة والسلام قال :( فاتحة الكتاب سبع آيات أولاهن ) بسم الله الرحمن الرحيم ( وقول أم سلمة قرأ رسول الله ( ﷺ ) الفاتحة وعدَّ :( بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ( آية. الثاني : الإجماع على أن ما بين الدفتين كلام الله.
والجواب : أما عن حديث أبي هريرة فهو لم يخرجه أحد من رجال الصحيح إنما خرجه الطبراني وابن مردويه والبيهقي فهو نازل عن درجة الصحيح فلا يعارض الأحاديث الصحيحة، وأما حديث أم سلمة فلم يخرجه من رجال الصحيح غير أبي داود وأخرجه أحمد بن حنبل والبيهقي، وصحح بعض طرقه وقد طعن فيه الطحاوي بأنه رواه ابن أبي مليكة، ولم يثبت سماع ابن أبي مليكة من أم سلمة، يعني أنه مقطوع، على أنه روى عنها ما يخالفه، على أن شيخ الإسلام زكرياء قد صرح في ( حاشيته على تفسير البيضاوي ) بأنه لم يرو باللفظ المذكور وإنما روي بألفاظ تدل على أن ) بسم الله ( آية وحدها، فلا يؤخذ منه كونها من الفاتحة، على أن هذا يفضي إلى إثبات القرآنية بغير المتواتر وهو ما يأباه المسلمون.
وأما عن الإجماع على أن ما بين الدفتين كلام الله، فالجواب أنه لا يقتضي إلا أن البسملة قرآن وهذا لانزاع فيه، وأما كون المواضع التي رسمت فيها في المصحف مما تجب قراءتها