" صفحة رقم ١٦٠ "
لما جعلته معهوداً فقد دللت على أنه واضح ظاهر، وهذا يقتضي الاعتناء بالجنس وتقريبه من المعروف المشهور، وهذا معنى قول صاحب ( الكشاف ) :( وهو نحو التعريف في أُرسلَها العِراكَ ومعناه الإشارة إلى ما يعرفه كل أحد من أن الحمد ما هو والعراك ما هو من بين أجناس الأفعال ) وهو مأخوذ من كلام سيبويه.
وليست لام التعريف هنا للاستغراق لما علمت أنها لام الجنس ولذلك قال صاحب ( الكشاف ) :( والاستغراق الذي توهمه كثير من الناس وهم منهم ) غير أن معنى الاستغراق حاصل هنا بالمثال لأن الحكم باختصاص جنس الحمد به تعالى لوجود لام تعريف الجنس في قوله :( الحمد ( ولام الاختصاص في قوله :( لله ( يستلزم انحصار أفراد الحمد في التعلق باسم الله تعالى لأنه إذا اختص الجنسُ اختصت الأفراد ؛ إذ لو تحقق فرد من أفراد الحمد لغير الله تعالى لتحقق الجنس في ضمنه فلا يتم معنى اختصاص الجنس المستفاد من لام الاختصاص الداخلة على اسم الجلالة، ثم هذا الاختصاص اختصاص ادعائي فهو بمنزلة القصر الادعائي للمبالغة.
واللام في قوله تعالى :( للَّه ( يجوز أن يكون للاختصاص على أنه اختصاص ادعائي كما مر، ويجوز أن يكون لام التقوية قوت تعلق العامل بالمفعول لضعف العامل بالفرعية وزاده التعريف باللام ضعفاً لأنه أبعدَ شبهه بالأفعال، ولا يفوت معنى الاختصاص لأنه قد استفيد من تعريف الجزأين.
هذا وقد اختلف في أن جملة ( الحمد ) هل هي خبر أو إنشاء ؟ فإن لذلك مزيد تعلق بالتفسير لرجوعه إلى المعنى بقول القائل ( الحمد لله ).
وجماع القول في ذلك أن الإنشاء قد يحصل بنقل المركب من الخبرية إلى الإنشاء وذلك كصيغ العقود مثل بعت واشتريت، وكذلك أفعال المدح والذم والرجاء كعسى ونعم وبئس وهذا الأخير قسمان منه ما استعمل في الإنشاء مع بقاء استعماله في الخبر ومنه ما خص بالإنشاء فالأول كصيغ العقود فإنها تستعمل أخباراً تقول بعت الدار لزيد التي أخبرتك بأنه ساومني إياها


الصفحة التالية
Icon