" صفحة رقم ١٦٤ "
كما أظهروا همزة الأناس في قول عَبيد بن الأبرص الأسدي :
إن المنَايَا ليطَّلِعْ
نَ على الأناس الآمِنِينَ
ونُزِّل هذا اللفظ في طوره الثالث منزلة الأعلام الشخصية فتصرفوا فيه هذا التصرف لينتقلوا به إلى طَور جديد فيجعلُوه مثل علم جديد، وهذه الطريقة مسلوكة في بعض الأعلام. قال أبو الفتح بن جني في شرح قول تأبط شرا في النشيد الثالث عشر من ( الحماسة ) :
إِني لمُهْدٍ من ثَنائي فقَاصِدٌ
به لابن عم الصدق شُمْسسِ بن مَالك
شُمس بضم الشين وأصله شَمس بفتحها كما قالوا حُجْر وسُلْمَى فيكون مما غُير عن نظائره لأجْل العلمية ا هـ. وفي ( الكشاف ) في تفسير سورة أبي لهب بعد أن ذكر أن من القراء من قرأ ( أبي لهْبٍ ) بسكون الهاء ما نصه وهي من تغيير الأعلام كقولهم شُمْس بن مالك بالضم ا هـ. وقال قبله :( ولفُلَيْتَه بن قاسم أمير مكة ابنان أحدهما عبدِ الله بالجر، والآخر عبدَ الله بالنصب، وكان بمكة رجل يقال له عبدِ الله لا يعرف إلا هكذا ) ا هـ. يعني بكسر دال عبد في جميع أحوال إعرابه، فهو بهذا الإيماء نوع مخصوص من العَلَم، وهو أنه أقوى من العلم بالغلَبة لأن له لفظاً جديداً بعد اللفظ المغلَّب. وهذه الطريقة في العلمية التي عرضت لاسم الجلالة لا نظير لها في الأعلام فكان اسمه تعالى غيرَ مشابه لأسماء الحوادث كما أن مسمى ذلك الاسممِ غير مماثل لمسميات أسماء الحوادث. وقد دلوا على تناسيهم ما في الألف واللام من التعريف وأنهم جعلوهما جزءاً من الكلمة بتجويزهم ندَاء اسم الجلالة مع إبقاء الألف واللام إذ يقولون يا الله مع أنهم يمنعون نداء مدخول الألف واللام.
وقد احتج صاحب ( الكشاف ) على كون أصله الإلاه ببيت البعيث المتقدم، ولم يقررْ ناظروه وجه احتجاجه به، وهو احتجاج وجيه لأن مَعَاذ من المصادر التي لم ترد في استعمالهم مضافة لغير اسم الجلالة، مثل سبحان فأجريت مُجرى أمثال في لزومها لهاته الإضافة، إذ تقول معاذالله فلما قال الشاعر معاذ الإلاه وهو من فصحاء اللسان علمنا أنهم يعتبرون الإلاه أصلاً للفظ الله، ولذلك لم يكن هذا التصرف تغييراً إلا أنه تصرف في حروف اللفظ الواحد كاختلاففِ وجوه الأداء مع كون اللفظ واحداً، ألا ترى أنهم احتجوا