" صفحة رقم ٢٠٥ "
والاحتراز عن إجابتها في الذين كفروا منهم، وأن الإسلام على أساس ملة إبراهيم وهو التوحيد، وأن اليهودية والنصرانية ليستا ملة إبراهيم، وأن من ذلك الرجوع إلى استقبال الكعبة ادخره الله للمسلمين آية على أن الإسلام هو القائم على أساس الحنيفية، وذكر شعائر الله بمكة، وإبكات أهل الكتاب في طعنهم على تحويل القبلة، وأن العناية بتزكية النفوس أجدر من العناية باستقبال الجهات :( ليس البر أن تولوا وجوهكم قِبَل المشرق والمغرب ( ( البقرة : ١٧٧ ). وذكروا بنسخ الشرائع لصلاح الأمم وأنه لا بدع في نسخ شريعة التوراة أو الإنجيل بما هو خير منهما.
ثم عاد إلى محاجة المشركين بالاستدلال بآثار صنعة الله :( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك الخ ( ( البقرة : ١٦٤ )، ومحاجة المشركين في يوم يَتبرأون فيه من قادتهم، وإبطال مزاعم دين الفريقين في محرمات من الأكل :( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ( ( البقرة : ١٧٢ )، وقد كمل ذلك بذكر صنف من الناس قليل وهم المشركون الذين لم يظهروا الإسلام ولكنهم أظهروا مودة المسلمين :( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ( ( البقرة : ٢٠٤ ).
ولما قضى حق ذلك كله بأبدع بيان وأوضح برهان، انتُقل إلى قسم تشريعات الإسلام إجمالاً بقوله :( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ( ( البقرة : ١٧٧ )، ثم تفصيلاً : القصاص، الوصية، الصيام، الاعتكاف، الحج، الجهاد، ونظام المعاشرة والعائلة، المعاملات المالية، والإنفاق في سبيل الله، والصدقات، والمسكرات، واليتامى، والمواريث، والبيوع والربا، والديون، والإشهاد، والرهن، والنكاح، وأحكام النساء، والعدة، والطلاق، والرضاع، والنفقات، والأيمان.
وختمت السورة بالدعاء المتضمن لخصائص الشريعة الإسلامية وذلك من جوامع الكلم فكان هذا الختام تذييلاً وفذلكة :( ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه ( ( البقرة : ٢٨٤ ) الآيات.
وكانت في خلال ذلك كله أغراض شتى سبقت في معرض الاستطراد في متفرق المناسبات تجديداً لنشاط القارىء والسامع، كما يسفر وجه الشمس إثر نزول الغيوث الهوامع، وتخرج بوادر الزَّهْر عقب الرعود القوارع، من تمجيد الله وصفاته :( الله لا إلاه إلا هو ( ( البقرة : ٢٥٥ ) ورحمته وسماحة الإسلام، وضرب أمثال :( أو كصيب ( ( البقرة : ١٩ ) واستحضار نظائر :( وإن من الحجارة ( ( البقرة : ٧٤ )