" صفحة رقم ٢٣ "
فمما يؤثر عن أحمد بن حنبل رحمه الله، أنه سئل عن تمثل الرجل ببيت شعر لبيان معنى في القرآن فقال ما يعجبني فهو عجيب، وإن صح عنه فلعله يريد كراهة أن يذكر الشعر لإثبات صحة ألفاظ القرآن كما يقع من بعض الملاحدة، روى أن ابن الراوندى وكان يزن بالإلحاد قال لابن الأعرابي : أتقول العرب لباس التقوى فقال ابن الأعرابي لا باس لا باس، وإذا أنجى الله الناس، فلا نجى ذلك الرأس، هبك يابن الرواندي تنكر أن يكون محمد نبيا أفتنكر ان يكون فصيحا عربيا ا.
ويدخل في مادة الاستعمال العربي ما يؤثر عن بعض السلف في فهم معاني بعض الآيات على قوانين استعمالهم، كما روى مالك في الموطأ عن عروة بن الزبير قال قلت لعائشة وأنا يومئذ حديث السن : أرأيت قول الله تعالى ) إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ( فما على الرجل شئ أن لا يطوف بهما، فقالت عائشة : كلا لو كان كما تقول، لكانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، إنما نزلت هذه الآية في الأنصار كانوا يهلون لمناة الطاغية، وكانت مناة حذو قديد، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله عن ذلك، فأنزل الله :( إن الصفا والمروة ( الآية اه، فبينت له ابتداء طريقة استعمال العرب لو كان المعنى كما وهمه عروة ثم بينت له مثار شبهته الناشئة عن قوله تعالى ) فلا جناح عليه ( الذي ظاهره رفع الجناح عن الساعي الذي يصدق بالإباحة دون الوجوب.
وأما الآثار فالمعني بها، ما نقل عن النبي ( ﷺ )، من بيان المراد من بعض القرآن في مواضع الإشكال والإجمال، وذلك شئ قليل. قال ابن عطية عن عائشة ما كان رسول الله يفسر من القرآن إلا آيات معدودات علمه إياهن جبريل، قال معناه في مغيبات القرآن وتفسير مجمله مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف، قلت : أو كان تفسير ألا توقيف فيه، كما بين لعدي بن حاتم أن الخيط الأبيض والخيط الأسود هما سواد الليل وبياض النهار، وقال له : إنك لعريض الوسادة، وفي رواية إنك لعريض القفا، وما نقل عن الصحابة الذين


الصفحة التالية
Icon