" صفحة رقم ٢٣٢ "
تأكيد ما دل عليه مادة الإقامة من المواظبة والتكرر ليكون الثناء عليهم بالمواظبة على الصلاة أصرح.
والصلاة اسم جامد بوزن فَعَلة محرَّك العين ( صَلَوة ) ورد هذا اللفظ في كلام العرب بمعنى الدعاء كقول الأعشى :
تقول بنتي وقد يَمَّمتُ مُرتحلا
يا ربِّ جنِّبْ أبي الأوصاب والوجَعا
عليككِ مثلُ الذي صليتتِ فاغْتمضِي
جَفْنا فإن لجنببِ المرء مضطَجَعا
وورد بمعنى العبادة في قول الأعشى :
يُراوِح من صلوات المَلِي
ككِ طَوْراً سُجوداً وطَوراً جُؤَاراً
فأما الصلاة المقصودة في الآية فهي العبادة المخصوصة المشتملة على قيام وقراءة وركوع وسجود وتسليم. قال ابن فارس كانت العرب في جاهليتها على إرث من إرث آبائهم في لغاتهم فلما جاء الله تعالى بالإسلام حالت أحوال ونقلت ألفاظ من مواضع إلى مواضع أخر بزيادات، ومما جاء في الشرع الصلاة وقد كانوا عرفوا الركوع والسجود وإن لم يكن على هاته الهيأة قال النابغة :
أو دُرةٌ صَدفيَّةٌ غَوَّاصُها
بَهِيجٌ متى يَرَها يُهلِّ ويسجدِ
وهذا وإن كان كذا فإن العرب لم تعرفه بمثل ما أتت به الشريعة من الأعداد والمواقيت ا هـ.
قلت لا شك أن العرب عرفوا الصلاة والسجود والركوع وقد أخبر الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام فقال :( ربنا ليقيموا الصلاة ( ( إبراهيم : ٣٧ ) وقد كان بين ظهرانيهم اليهود يصلون أي يأتون عبادتهم بهيأة مخصوصة، وسمَّوا كنيستهم صَلاة، وكان بينهم النصارى وهم يصلون وقد قال النابغة في ذكر دَفن النعمان بن الحارث الغساني :
فآب مُصلُّوه بعين جلية
وغودِر بالجولان حزمٌ ونايل


الصفحة التالية
Icon