" صفحة رقم ٢٩٩ "
أي إذا استبدلتَ داراً بأخرى. وهذا بخلاف قول أبي النجم :
أخذتُ بالجمة رأساً أزعرا
وبالطويل العُمْر عُمْرا جَيْدار
فيكون الحمل عليه هنا أن اختلاطهم كما اشترى المسلم إذ تنصرا بالمسلمين وإظهارهم الإيمان حالةٌ تشبه حال المهتدي تَلَبَّسوا بها فإذا خَلوا إلى شياطينهم طرحوها واستبدلوها بحالة الضلال وعلى هذا الوجه الثاني يصح أيضاً أن يكون الاشتراء استعارة بتشبيه تيْنك الحالتين بحال المشتري لشيء كان غير جائز له وارتضاه في ( الكشاف ).
والموصول في قوله ) الذين اشتروا ( بمعنى المعرف بلام الجنس فيفيد التركيب قصر المسند على المسند إليه وهو قصر ادعائي باعتبار أنهم بلغوا الغاية في اشتراء الضلالة والحرص عليها إذ جمعوا الكفر والسفه والخداع والإفساد والاستهزاء بالمهتدين.
) فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ ).
رَتَّبت الفاء عدم الربح المعطوف بها وعدم الاهتداء المعطوف عليه على اشتراء الضلالة بالهدى لأن كليهما ناشىء عن الاشتراء المذكور في الوجود والظهور ؛ لأنهم لما اشتروا الضلالة بالهدى فقد اشتروا ما لا ينفع وبذلوا ما ينفع فلا جرم أن يكونوا خاسرين وأن يتحقق أنهم لم يكونوا مهتدين فعدم الاهتداء وإن كان سابقاً على اشتراء الضلالة بالهدى أو هو عينه أو هو سببه إلا أنه لكونه عدماً فظهوره للناس في الوجود لا يكون إلا عند حصول أثره وهو ذلك الاشتراء، فإذا ظهر أثره تبين للناس المؤثر فلذلك صح ترتيبه بفاء الترتيب فأشبه العلة الغائية، ولهذا عبر ب ) ما كانوا مهتدين ( دون ما اهتدوا لأن ما كانوا أبلغ في النفي لإشعاره بأن انتفاء الاهتداء عنهم أمر متأصل سابق قديم، لأن كان تدل على اتصاف اسمها بخبرها منذ المضي فكان نفي الكون في الزمن الماضي أنسب بهذا التفريع.
والربح هو نجاح التجارة ومصادفة الرغبة في السلع بأكثر من الأثمان التي اشتراها بها التاجر ويطلق الربح على المال الحاصل للتاجر زائداً على رأس ماله. والتجارة بكسر أوله على وزن فعالة وهي زنة الضائع ومعنى التجارة التصدي لاشتراء الأشياء لقصد بيعها بثمن