" صفحة رقم ٣٠٨ "
جاءت رسلنا لوطاً شيء بهم وضاق بهم ذرعاً ( ( هود : ٧٧ )، وقولُ عمرو بن معد يكرب :
لما رأيتُ نساءنا
يفحصن بالمعزاء شدا
نازَلْتُ كبشهم ولم
أر من نزال الكبش بدا
ومثال المقارن المهيأ قول امرىء القيس :
فلما أَجزْنا ساحة الحي وانتحى
بنا بطن خَبت ذي حقاف عقنقل
هَصَرْتُ بفوْدَيْ رأسها فتمايلت
عليّ هضيم الكشح ريَّا المخلخَل
ومثال المقارن الحاصل اتفاقاً ) ولما جاءت رسلُنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا... ( ( العنكبوت : ٣١ ) وقوله :( ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه ( ( يوسف : ٦٩ ) فمن ظن أن لما تؤذن بالسببية اغتراراً بقولهم وجود لوجود حملاً لِلاَّم في عبارتهم على التعليل فقد ارتكب شططاً ولم يجد من كلام الأئمة فرطاً.
و ( أضاء ) يجىء متعدياً وهو الأصل لأن مجرده ضَاء فتكون حينئذٍ همزته للتعدية كقول أبي الطمحان القيني :
أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم
دُجى الليل حتى ثقب الجزع ثاقبه
ويجىء قاصراً بمعنى ضاء فهمزته للصيرورة أي صار ذا ضوء فيساوي ضاء كقول امرىء القيس يصف البرق :
يُضِىء سنَاه أو مصابيح راهب
أمال السليط بالذبال المفتل
والآية تحتملهما أي فلما أضاءت النار الجهات التي حوله وهو معنى ارتفاع شعاعها وسطوع لهبها، فيكون ما حوله موصولاً مفعولاً لأضاءت وهو المتبادر، وتحتمل أن تكون من أضاء القاصر أي أضاءت النار أي اشتعلت وكثر ضوءها في نفسها، ويكون ما حوله على هذا ظرفاً للنار أي حصل ضوء النار حولها غير بعيد عنها.
و ) حوله ( ظرف للمكان القريب ولا يلزم أن يراد به الإحاطة فحوله هنا بمعنى لديه ومن توهم أن ) ما حوله ( يقتضي ذلك وقع في مشكلات لم يجد منها مخلصاً إلا بعناء.
وجمع الضمير في قوله :( بنورهم ( مع كونه بلصق الضمير المفرد في قوله :( ما حوله ( مراعاة للحال المشبهة وهي حال المنافقين لا للحال المشبه بها ؛ وهي حال المستوقد الواحد على وجه