" صفحة رقم ٣٢١ "
في مفرداته إلى تشابيه مفردة بأن يشبه كل جزء من مجموع الهيئة المشبهة لجزء من مجموع هيئة قوم أصابهم صيب معه ظلمات ورعد وصواعق لا يطيقون سماع قصفها ويخشون الموت منها وبرق شديد يكاد يذهب بأبصارهم وهم في حيرة بين السير وتركه. وقوله :( والله محيط بالكافرين ( اعتراض راجع للمنافقين إذ قد حق عليهم التمثل واتضح منه حالهم فآن أن ينبه على وعيدهم وتهديدهم وفي هذا رجوع إلى أصل الغرض كالرجوع في قوله تعالى ) ذهب الله بنورهم وتركهم ( ( البقرة : ١٧ ) الخ كما تقدم إلا أنه هنا وقع بطريق الاعتراض.
والإحاطة استعارة للقدرة الكاملة شبهت القدرة التي لا يفوتها المقدور بإحاطة المحيط بالمحاط على طريقة التبعية أو التمثيلية وإن لم يذكر جميع ما يدل على جميع المركب الدال على الهيئة المشبهة بها وقد استعمل هذا الخبر في لازمه وهو أنه لا يفلتهم وأنه يجازيهم على سوء صنعهم.
والخطف الأخذ بسرعة.
و ( كلما ) كلمة تفيد عموم مدخولها، و ( ما ) كافة لكل عن الإضافة أوهي مصدرية ظرفية أو نكرة موصوفة فالعموم فيها مستفاد من كلمة ( كل ). وذكر ( كلما ) في جانب الإضاءة و ( إذا ) في جانب الإظلام لدلالة ( كلما ) على حرصهم على المشي وأنهم يترصدون الإضاءة فلا يفيتون زمناً من أزمان حصولها ليتبينوا الطريق في سيرهم لشدة الظلمة.
و ) أضاء فعل يستعمل ومتعدياً باختلاف المعنى كما تقدم في قوله : فلما أضاءت ما حوله ( ( البقرة : ١٧ ) وأظلم يستعمل قاصراً كثيراً ويستعمل متعدياً قليلاً. والظاهر أم ( أضاء ) هنا متعد فمفعول ( أضاء ) محذوف لدلالة ( مشوا ) عليه وتقديره الممشى أو الطريق أي أضاء لهم البرق الطريق وكذلك ( أظلم ) أي وإذا أظلم عليهم البرق الطريق بأن أمسك وميضه فإسناد الإظلام إلى البرق مجاز لأنه تسبب في الإظلام. ومعنى القيام عدم المشي أي الوقوف في الموضع.
وقوله تعالى :( ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم ( مفعول ( شاء ) محذوف لدلالة الجواب عليه وذلك شأن فعل المشيئة والإرادة ونحوهما إذا وقع متصلاً بما يصلح لأن يدل على مفعوله مثل وقوعه صلة لموصول يحتاج إلى خبر نحو ما شاء الله كان أي ما شاء كونه كان ومثل وقوعه شرطاً للو لظهور أن الجواب هو دليل المفعول وكذلك إذا كان في الكلام السابق قبل فعل المشيئة ما يدل على مفعول الفعل نحو قوله تعالى :( سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله ( ( الأعلى : ٦، ٧ )


الصفحة التالية
Icon