" صفحة رقم ٣٢٩ "
شك ) وهذا لا يناسب علم الله تعالى بأحوال الأشياء قبل وقوعها ولأنها قد وردت في أخبار مع عدم حصول المرجو لقوله تعالى :( ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون ( ( الأعراف : ١٣ ) مع أنهم لم يتذكروا كما بينته الآيات من بعد.
ولهم في تأويل لعل الواقعة في كلام الله تعالى وجوه :
أحدها قال سيبويه :( لعل على بابها والترجي أو التوقع إنما هو في حيز المخاطبين ا هـ. يعني أنها للإخبار بأن المخاطب يكون مرجواً، واختاره الرضي قائلاً لأن الأصل أن لا تخرج عن معناها بالكلية.
وأقول لا يعني سيبويه أن ذلك معنى أصل لها ولكنه يعني أنها مجاز قريب من معنى الحقيقة لوقوع التعجيز في أحد جزأي المعنى الحقيقي لأن الرجاء يقتضي راجياً ومرجواً منه فحرف الرجاء على معنى فعل الرجاء إلا أنه معنى جزئي، وكل من الفاعل والمفعول مدلول لمعنى الفعل بالالتزام، فإذا دلت قرينة على تعطيل دلالة حرف الرجاء على فاعل الرجاء لم يكن في الحرف أو الفعل تمجز، إذ المجاز إنما يتطرق للمدلولات اللغوية لا العقلية وكذلك إذا لم يحصل الفعل المرجو.
ثانيها : أن لعل للإطماع تقول للقاصد لعلك تنال بغيتك، قال الزمخشري :( وقد جاءت على سبيل الإطماع في مواضع من القرآن ). والإطماع أيضاً معنى مجازي للرجاء لأن الرجاء يلزمه التقريب والتقريب يستلزم الإطماع فالإطماع لازم بمرتبتين.
ثالثها : أنها للتعليل بمعنى كي قاله قطرب وأبو علي الفارسي وابن الأنباري ؛ وأحسب أن مرادهم هذا المعنى في المواقع التي لا يظهر فيها معنى الرجاء، فلا يرد عليهم أنه لا يطرد في نحو قوله :( وما يدريك لعل الساعة قريب ( ( الشورى : ١٧ ) لصحة معنى الرجاء بالنسبة للمخاطب ولا يرد عليهم أيضاً أنه إثبات معنى في ( لعل ) لا يوجد له شاهد من كلام العرب وجعله الزمخشري قولاً متفرعاً على قول من جعلها للإطماع فقال :( ولأنه إطماع من كريم إذا أطمع فعل ) قال من قال : إن لعل بمعنى كي، يعني فهو معنى مجازي ناشيء عن مجاز آخر، فهو من تركيب المجاز على اللزوم بثلاث مراتب.
رابعها : ما ذهب إليه صاحب ( الكشاف ) أنها استعارة فقال :( ولعل واقعة في الآية موقع المجاز لأن الله تعالى خلق عباده ليتعبدهم ووضع في أيديهم زمام الاختيار وأراد منهم الخير


الصفحة التالية
Icon