" صفحة رقم ٤٠ "
الأول : إصلاح الإعتقاد وتعليم العقد الصحيح. وهذا أعظم سبب لإصلاح الخلق، لأنه يزيل عن النفس عادة الإذعان لغير ما قام عليه الدليل، ويطهر القلب من الأوهام الناشئة عن الإشراك والدهرية وما بينهما، وقد أشار إلى هذا المعنى قوله تعالى ) فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب ( فأسند لآلهتهم زيادة تتبيبهم، وليس هو من فعل الآلهة ولكنه من آثار الإعتقاد بالآلهة.
الثاني : تهذيب الأخلاق قال تعالى ) وإنك لعلى خلق عظيم ( وفسرت عائشة رضي الله تعالى عنها لما سئلت عن خلقه ( ﷺ ) فقالت كان خلقه القرآن. وفي الحديث الذي رواه مالك في الموطأ بلاغا أن رسول الله ( ﷺ ) قال بعثت لأتمم مكارم حسن الأخلاق وهذا المقصد قد فهمه عامة العرب بله خاصة الصحابة، وقال أبو خراش الهذلي مشيرا إلى ما دخل على العرب من أحكام الإسلام بأحسن تعبير : فليس كعهد الدار يأم مالك ولكن أحاطت بالرقاب السلاسل وعاد الفتى كالكهل ليس بقائل سوى العدل شيئا فاستراح العواذل أراد بإحاطة السلاسل بالرقاب أحكام الإسلام. والشاهد في قوله وعاد الفتى كالكهل.
الثالث : التشريع وهو الأحكام خاصة وعامة. قال تعالى ) إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ( ولقد جمع القرآن جميع الأحكام جمعا كليا في الغالب، وجزئيا في المهم، فقوله ) تبيانا لكل شيء ( وقوله :( اليوم أكملت لكم دينكم ( المراد بهما إكمال الكليات التي منها الأمر بالاستنباط والقياس. قال الشاطبي لأنه على اختصاره جامع والشريعة تمت بتمامه ولا يكون جامعا لتمام الدين إلا والمجموع فيه أمور كلية.
الرابع : سياسة الأمة وهو باب عظيم في القرآن القصد منه صلاح الأمة وحفظ نظامها كالإرشاد إلى تكوين الجامعة بقوله ) واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ( وقوله ) إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء