" صفحة رقم ٦ "
المجال، وأحجم عن الزج بسية قوسي في هذا النضال. اتقاء ما عسى أن يعرض له المرء نفسه من متاعب تنوء بالقوة، أو فلتات سهام الفهم وإن بلغ ساعد الذهن كمال الفتوة. فبقيت أسوف النفس مرة ومرة أسومها زجرا، فإن رأيت منها تصميما أحلتها على فرصة أخرى، وأنا آمل أن يمنح من التيسير، ما يشجع على قصد هذا الغرض العسير. وفيما أنا بين إقدام وإحجام، أتخيل هذا الحقل مرة القتاد وأخرى الثمام. إذا أنا بأملي قد خيل إلي أنه تباعد أو انقضى، إذ قدر أن تسند إلي خطة القضا. فبقيت متلهفا ولات حين مناص، وأضمرت تحقيق هاته الأمنية متى أجمل الله الخلاص، وكنت أحادث بذلك الأصحاب والإخوان، وأضرب المثل بأبى الوليد ابن رشد في كتاب البيان، ولم أزل كلما مضت مدة يزداد التمني وأرجو إنجازه، إلى أن أوشك أن تمضي عليه مدة الحيازة، فإذا الله قد من بالنقلة إلى خطة الفتيا. وأصبحت الهمة مصروفة إلى ما تنصرف إليه الهمم العليا، فتحول إلى الرجاء ذلك الياس، وطمعت أن أكون ممن أوتي الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها الناس. هنالك عقدت العزم على تحقيق ما كنت أضمرته، واستعنت بالله تعالى واستخرته ا وعلمت أن ما يهول من توقع كلل أو غلط، لا ينبغي أن يحول بيني وبين نسج هذا النمط، إذا بذلت الوسع من الاجتهاد، وتوخيت طرق الصواب والسداد.
أقدمت على هذا المهم إقدام الشجاع، على وادي السباع ؛ متوسطا في معترك أنظار


الصفحة التالية
Icon