" صفحة رقم ٧٣ "
قال تعالى ) تنزيل من الرحمن الرحيم. كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون ( وقال :( تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ).
وأما الكتاب فأصله اسم جنس مطلق ومعهود. وباعتبار عهده أطلق على القرآن كثيرا قال تعالى ) ذلك الكتاب لا ريب فيه (، وقال ) الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ( وإنما سمي كتابا لأن الله جعله جامعا للشريعة فأشبه التوراة لأنها كانت مكتوبة في زمن الرسول المرسل بها، وأشبه الإنجيل الذي لم يكتب في زمن الرسول الذي أرسل به ولكنه كتبه بعض أصحابه وأصحابهم، ولأن الله أمر رسوله أن يكتب كل ما أنزل عليه منه ليكون حجة على الذين يدخلون في الإسلام ولم يتلقوه بحفظ قلوبهم. وفي هذه التسمية معجزة للرسول ( ﷺ ) بأن ما أوحي إليه سيكتب في المصاحف قال تعالى ) وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها ). وقال ) وهذا كتاب مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون ( وغير ذلك، ولذلك اتخذ النبي ( ﷺ ) من أصحابه كتابا يكتبون ما أنزل إليه ؛ من أول ما ابتدئ نزوله، ومن أولهم عبد الله ابن سعد بن أبي سرح، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان. وقد وجد جميع ما حفظه المسلمون في قلوبهم على قدر ما وجدوه مكتوبا يوم أمر أبو بكر بكتابة المصحف.
وأما الذكر فقال تعالى ) وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ( أي لتبينه للناس، وذلك أنه تذكير بما يجب على الناس اعتقاده والعمل به.
وأما الوحي فقال تعالى ) قل إنما أنذركم بالوحي ( ووجه هذه التسمية أنه ألقي إلى النبي ( ﷺ ) بواسطة الملك وذلك الإلقاء يسمى وحيا لأنه يترجم عن مراد الله تعالى فهو كالكلام المترجم عن مراد الإنسان، ولأنه لم يكن تأليف تراكيبه من فعل البشر.
وأما كلام الله فقال تعالى ) وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ).
واعلم أن أبا بكر رضي الله عنه لما أمر بجمع القرآن وكتابته كتبوه على الورق فقال للصحابة : التمسوا اسما، فقال بعضهم سموه إنجيلا فكرهوا ذلك من أجل النصارى،