" صفحة رقم ٨٠ "
حروف العطف المفيدة الاتصال مثل الفاء ولكن وبل ومثل أدوات الاستثناء، على أن وجود ذلك لا يعين اتصال ما بعده بما قبله في النزول، فإنه قد اتفق على أن قوله تعالى ) غير أولى الضرر ( نزل بعد نزول ما قبله وما بعده من قوله ) لا يستوي القاعدون ( إلى قوله ) وأنفسهم ( قال بدر الدين الزركشي بعض مشايخنا المحققين قد وهم من قال لا تطلب للآي الكريمة مناسبة والذي ينبغي في كل آية أن يبحث أول شيء عن كونها مكملة لما قبلها أو مستقلة، ثم المستقلة ما وجه مناسبتها لما قبلها ففي ذلك علم جم.
على أنه يندر أن يكون موقع الآية عقب التي قبلها لأجل نزولها عقب التي قبلها من سورة هي بصدد النزول فيؤمر النبي بأن يقرأها عقب التي قبلها، وهذا كقوله تعالى ) وما نتنزل إلا بأمر ربك ( عقب قوله ) تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا ( في سورة مريم، فقد روى أن جبريل لبث أياما لم ينزل على النبي ( ﷺ ) بوحي، فلما نزل بالآيات السابقة عاتبه النبي، فأمر الله جبريل أن يقول ) وما نتنزل إلا بأمر ربك (
فكانت وحيا نزل به جبريل، فقرئ مع الآية التي نزل بأثرها، وكذلك آية ) إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ( عقب قوله تعالى ) وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات ( إلى قوله ) وهم فيها خالدون ( في سورة البقرة إذ كان ردا على المشركين في قولهم : أما يستحي محمد أن يمثل بالذباب وبالعنكبوت ا فلما ضرب لهم الأمثال بقوله ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ) تخلص إلى الرد عليهم فيما أنكروه من الأمثال. على أنه لا يعدم مناسبة ما، وقد لا تكون له مناسبة ولكنه اقتضاه سبب في ذلك المكان كقوله تعالى ( لا تحرك به لسانك لتعجل به. إن علينا جمعه وقرآنه. فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه ) فهذه الآيات نزلت في سورة القيامة في خلال توبيخ المشركين على إنكارهم البعث ووصف يوم الحشر وأهواله، وليست لها مناسبة بذلك ولكن سبب نزولها حصل في خلال ذلك. روى البخاري عن ابن عباس قال كان رسول الله إذا نزل جبريل بالوحي كان مما يحرك به لسانه وشفتيه يريد أن يحفظه فأنزل الله الآية التي في ( لا أقسم بيوم القيامة ) اه، فذلك يفيد أن رسول الله ( ﷺ ) حرك شفتيه بالآيات التي نزلت في أول السورة.