" صفحة رقم ٨٢ "
النهار ( إلى قوله ) قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ( فقوله ) قل إن الهدى هدى الله ( جملة معترضة.
وقوف القرآن
الوقف هو قطع الصوت عن الكلمة حصة يتنفس في مثلها المتنفس عادة، والوقف عند انتهاء جملة من جمل القرآن قد يكون أصلا لمعنى الكلام فقد يختلف المعنى باختلاف الوقف مثل قوله تعالى ) وكأين من نبي قتل معه ربيون كثير ( فإذا وقف عند كلمة قتل كان المعنى أن أنبياء كثيرين قتلهم قومهم وأعداؤهم. ومع الأنبياء أصحابهم فما تزلزلوا لقتل أنبيائهم فكان المقصود تأييس المشركين من وهن المسلمين على فرض قتل النبي ( ﷺ ) في غزوته. على نحو قوله تعالى في خطاب المسلمين وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم الآية، وإذا وصل قوله قتل عند قوله كثير كان المعنى أن أنبياء كثيرين قتل معهم رجال من أهل التقوى فما وهن من بقي بعدهم من المؤمنين وذلك بمعنى قوله تعالى ) ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ( إلى قوله ) ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون ).
وكذلك قوله تعالى ) وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به ( الآية، فإذا وقف عند قوله ) إلا الله ( كان المعنى أن المتشابه الكلام الذي لا يصل فهم الناس إلى تأويله وأن علمه مما اختص الله به مثل اختصاصه بعلم الساعة وسائر الأمور الخمسة وكان ما بعده ابتداء كلام يفيد أن الراسخين يفوضون فهمه إلى الله تعالى، وإذا وصل قوله ) إلا الله ( بما بعده كان المعنى أن الراسخين في العلم يعلمون تأويل المتشابه في حال أنهم يقولون آمنا به.
وكذلك قوله تعالى ) واللاء يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللاء لم يحضن ( فإنه لو وقف على قوله ) ثلاثة أشهر ( وابتدأ بقوله ) واللاء لم يحضن ( وقع قوله ) وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ( معطوفا على ) اللاء لم يحضن ( فيصير قوله ) أجلهن أن يضعن حملهن ). خبرا عن ) اللاء لم يحضن وأولات الأحمال ( ولكنه لا يستقيم المعنى إذ كيف يكون لللاء لم يحضن حمل حتى يكون أجلهن أن يضعن حملهن.