" صفحة رقم ٨٦ "
من النبي ( ﷺ )، وكذلك عزا ابن عطية إلى مكي بن أبي طالب وجزم به السيوطي في الإتقان، وبذلك يكون مجموع السورة من الآيات أيضا توقيفيا، ولذلك نجد في الصحيح أن النبي ( ﷺ ) قرأ في الصلاة سورة كذا وسورة كذا من طوال وقصار، ومن ذلك حديث صلاة الكسوف، وفي الصحيح أن رجلا سأل النبي ( ﷺ ) أن يزوجه امرأة فقال له النبي : هل عندك ماتصدقها ا قال : لا، فقال : ما معك من القرآن ا قال : سورة كذا وسورة كذا لسور سماها، فقال قد زوجتكها بما معك من القرآن وسيأتي مزيد شرح لهذا الغرض عند الكلام على أسماء السور.
وفائدة التسوير ما قاله صاحب الكشاف في تفسير قوله تعالى ) فأتوا بسورة من مثله ( : إن الجنس إذا انطوت تحته أنواع كان أحسن وأنبل من أن يكون ببانا واحدا، وأن القارئ إذا ختم سورة أو بابا من الكتاب ثم أخذ في آخر كان أنشط له وأهز لعطفه كالمسافر إذا علم أنه قطع ميلا أو طوى فرسخا.
وأما ترتيب السور بعضها إثر بعض، فقال أبو بكر الباقلاني : يحتمل أن النبي ( ﷺ ) هو الذي أمر بترتيبها كذلك، ويحتمل أن يكون ذلك من اجتهاد الصحابة، وقال الداني : كان جبريل يوقف رسول الله على موضع الآية وعلى موضع السورة.
وفي المستدرك عن زيد بن ثابت أنه قال : كنا عند رسول الله نؤلف القرآن من الرقاع قال البيهقي : تأويله أنهم كانوا يؤلفون آيات السور. ونقل ابن عطية عن الباقلاني الجزم بأن ترتيب السور بعضها إثر بعض هو من وضع زيد بن ثابت بمشاركة عثمان، قال ابن عطية : وظاهر الأثر أن السبع الطوال والحواميم والمفصل كانت مرتبة في زمن النبي ( ﷺ )، وكان من السور ما لم يرتب فذلك هو الذي رتب وقت كتابة المصحف.
أقول : لا شك أن طوائف من سور القرآن كانت مرتبة في زمن النبي ( ﷺ ) على ترتيبها في المصحف الذي بأيدينا اليوم الذي هو نسخة من المصحف الإمام الذي جمع وكتب في خلافة أبي بكر الصديق ووزعت على الأمصار نسخ منه في خلافة عثمان ذي النورين فلا شك في أن سور المفصل كانت هي آخر القرآن ولذلك كانت سنة قراءة السورة في الصلوات المفروضة أن يكون في بعض الصلوات من طوال المفصل وفي بعضها من