" صفحة رقم ٨٩ "
باجتهاد الصحابة حين كتبوا المصحف وهو قول مالك رحمه الله وجمهور العلماء وفي حديث صلاة الكسوف أن النبي قرأ فيها بسورتين طويلتين ولما كانت جهرية فإن قراءته تينك السورتين لا يخفى على أحد ممن صلى معه، ولذلك فالظاهر أن تقديم سورة آل عمران على سورة النساء في المصحف الإمام ما كان إلا اتباعا لقراءة النبي ( ﷺ )، وإنما قرأها النبي كذلك إما لأن سورة آل عمران سبقت في النزول سورة النساء التي هي من آخر ما أنزل، أو لرعى المناسبة بين سورة البقرة وسورة آل عمران في الافتتاح بكلمة آلم، أو لأن النبي ( ﷺ ) وصفهما وصفا واحدا ففي حديث أبي أمامة أن النبي قال اقرءوا الزهراوين البقرة وآل عمران وذكر فضلهما يوم القيامة أو لما في صحيح مسلم أيضا عن حديث النواس ابن سمعان أن النبي قال يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران، وضرب لهما ثلاثة أمثال الحديث. ووقع في تفسير شمس الدين محمود الأصفهاني الشافعي، في المقدمة الخامسة من أوائله لا خلاف في أن القرآن يجب أن يكون متواترا في أصله وأجزائه، وأما في محله ووضعه وترتيبه فعند المحققين من أهل السنة كذلك ؛ إذ الدواعي تتوفر على نقله على وجه التواتر، وما قيل التواتر شرط في ثبوته بحسب أصله وليس شرطا في محله ووضعه وترتيبه فضعيف لأنه لو لم يشترط التواتر في المحل جاز أن لا يتواتر كثير من المكررات الواقعة في القرآن وما لم يتواتر يجوز سقوطه وهو يعنى بالقرآن ألفاظ آياته ومحلها دون ترتيب السور.
قال ابن بطال لا نعلم أحدا قال بوجوب القراءة على ترتيب السور في المصحف بل يجوز أن تقرأ الكهف قبل البقرة، وأما ما جاء عن السلف من النهي عن قراءة القرآن منكسا، فالمراد منه أن يقرأ من آخر السورة إلى أولها. قلت أو يحمل النهي على الكراهة.
واعلم أن معنى الطولى والقصرى في السور مراعى فيه عدد الآيات لا عدد الكلمات


الصفحة التالية
Icon