" صفحة رقم ٩٥ "
كنت أصلي، فقال : ألم يقل الله تعالى استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم ا، فلا شك أن المعنى المسوقة فيه الآية هو الاستجابة بمعنى الامتثال، كقوله تعالى الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح، وأن المراد من الدعوة الهداية كقوله ) يدعون إلى الخير (، وقد تعلق فعل دعاكم بقوله ) لما يحييكم ( أي لما فيه صلاحكم، غير أن لفظ الاستجابة لما كان صالحا للحمل على المعنى الحقيقي أيضا وهو إجابة النداء حمل النبي ( ﷺ ) الآية على ذلك في المقام الصالح له، بقطع النظر عن المتعلق وهو قوله ) لما يحييكم ( وكذلك قوله ( ﷺ ) يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا، كما بدأنا أول خلق نعيده إنما هو تشبيه الخلق الثاني بالخلق الأول لدفع استبعاد البعث، كقوله تعالى ) أفعيينا بالخلق الأول، بل هم في لبس من خلق جديد (، وقوله ) وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه (، فذلك مورد التشبيه، غير أن التشبيه لما كان صالحا للحمل على تمام المشابهة أعلمنا النبي ( ﷺ ) أن ذلك مراد منه، بأن يكون التشبيه بالخلق الأول شاملا للتجرد من الثياب والنعال.
وكذلك قوله تعالى ) إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ( فقد قال النبي ( ﷺ ) لعمر بن الخطاب لما قال له : لا تصل على عبد الله ابن أبى بن سلول فأنه منافق وقد نهاك الله عن أن تستغفر للمنافقين، فقال النبي خيرني ربي وسأزيد على السبعين فحمل قوله تعالى ) استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ( على التخيير مع أن ظاهره أنه مستعمل في التسوية، وحمل اسم العدد على دلالته الصريحة دون كونه كناية عن الكثرة كما هو قرينه السياق لما كان الأمر واسم العدد صالحين لما حملهما عليه فكان الحمل تأويلا ناشئا عن الاحتياط. ومن هذا قول النبي لأم كلثوم بنت عقبة بن معيط حين جاءت مسلمة مهاجرة إلى المدينة وأبت أن ترجع إلى المشركين فقرأ النبي قوله تعالى ) يخرج الحي من الميت ( فاستعمله في معنى مجازي هو غير المعنى الحقيقي الذي سيق إليه، وما أرى سجود النبي ( ﷺ ) في مواضع سجود التلاوة من القرآن إلا راجعا إلى هذا الأصل فإن كان فهما منه رجع إلى ما شرحنا تأصيله، وإن كان وحيا كان أقوى حجة في إرادة الله من ألفاظ كتابة ما تحتمله ألفاظه مما لا ينافى أغراضه.
وكذلك لما ورد عن أصحاب النبي ( ﷺ ) ومن بعدهم من الأئمة مثل ما روى