" صفحة رقم ١١٤ "
ثم إنّ قبائل العرب كلّها رغبت في الإسلام فأسلموا في تلك المدّة فانتهت حُرمة الأشهر الحرم في حكم الإسلام.
٥ ) ) فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلَواةَ وَءاتَوُاْ الزَّكَواةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ).
تفريع على قوله :( فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ( ( التوبة : ٢ ) فإن كان المراد في الآية المعطوففِ عليها بالأربعة الأشهر أربعةً تبتدىء من وقت نزول براءة كان قوله :( فإذا انسلخ الأشهر الحرم ( تفريعاً مراداً منه زيادة قيد على قيد الظرف من قول :( أربعة أشهر ( ( التوبة : ٢ ) أي : فإذا انتهى أجل الأربعة الأشهر وانسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين إلخ لانتهاء الإذن الذي في قوله :( فسيحوا في الأرض أربعة أشهر ( ( التوبة : ٢ )، وإن كانت الأربعة الأشهر مراداً بها الأشهر الحرم كان قوله :( فإذا انسلخ الأشهر الحرم ( تصريحاً بمفهوم الإذن بالأمن أربعةَ أشهر، المقتضي أنّه لا أمْن بعد انقضاء الأربعة الأشهر، فهو على حدّ قوله تعالى :( وإذا حللتم فاصطادوا ( ( المائدة : ٢ )، بعد قوله ) غير محلي الصيد وأنتم حرم ( ( المائدة : ١ ) فيكون تأجيلاً لهم إلى انقضاء شهر المحرم من سنة عشر، ثم تحذيراً من خرق حرمة شهر رجب، وكذلك يستمرّ الحال في كلّ عام إلى نسخ تأمين الأشهر الحرم كما سيأتي عند قوله تعالى :( منها أربعة حرم... فلا تظلموا فيهن أنفسكم ( ( التوبة : ٣٦ ).
وانسلاخ الأشهر انقضاؤها وتمامها وهو مطاوع سلخ. وهو في الأصل استعارة من سلخ جلد الحيوان، أي إزالته. ثم شاع هذا الإطلاق حتى صار حقيقة.
والحرم جمع حرام وهو سماعي لأنّ فُعُلا بضم الفاء والعيْن إنما ينقاس في الاسم الرباعي ذي مد زائد. وحرام صفة. وقال الرضي في باب الجمع من ( شرح الشافية ) إن جموع التكسير أكثرها محتاج إلى السماع، وقد تقدّم عند قوله تعالى :( الشهر الحرام بالشهر الحرام في سورة البقرة ( ١٩٤ ). وهي ذو القعدة وذو الحجّة ومحرّم ورجب.


الصفحة التالية
Icon